وقد استدل الشيرازي في «المهذب»، و المجد ابن تيمية في «المنتقى» بحديث ابن عباس، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- توضأ، وغرف غرفة، وغسل بها وجهه. وهو في البخاري برقم (١٤٠)، ثم رأيت ابن المنذر قد سبقهما إلى الاستدلال به كما في «الأوسط»، وبغرفة واحدة لا يصل الماء إلى ما تحت الشعر مع كثافة اللحية، ولأنه باطن دونه حائل معتاد، فهو كداخل الأنف، والفم.
• وذهب المزني، وأبو ثور، وإسحاق إلى وجوب غسل البشرة قياسًا على غسل الجنابة.
والراجح هو القول الأول، ويدل عليه أيضًا حديث الباب؛ فإنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- اكتفى بالتخليل؛ فدل على عدم وجوب غسل البشرة، والله أعلم. (١)
وأما اللحية الخفيفة، فقد قال النووي -رحمه الله- في «شرح المهذب»(١/ ٣٧٦): قد ذكرنا أنَّ مذهبنا أنه يجب غسل اللحية الخفيفة، والبشرة تحتها، وبه قال مالك، وأحمد، وداود، قال أصحابنا، وقال أبو حنيفة -رحمه الله- لا يجب غسل ما تحتها كداخل الفم، قال: وكما سوينا بين الخفيف، والكثيف في غسل الجنابة، وأوجبنا غسل ما تحتها فكذا نسوي بينهما في الوضوء، فلا نوجبه.
قال النووي -رحمه الله-: واحتج أصحابنا بقول الله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}[المائدة:٦]، وهذه البشرة من الوجه، ويقع بها المواجهة، ولأنه موضع ظاهرٌ من الوجه، فأشبه الخدَّ، ويخالف الكثيف؛ فإنه يشق إيصال الماء إليه بخلاف هذا.