للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم ردَّ عليه ابن خزيمة بأنه لم يغلط، وإنما أحال على رواية صادق؛ إلا أن الخبر منسوخٌ؛ لأنَّ الله تعالى عند ابتداء فرض الصيام كان منع في ليلة الصوم من الأكل والشرب، والجماع بعد النوم، فيحتمل أن يكون خبر الفضل كان حينئذٍ، ثم أباح الله ذلك إلى طلوع الفجر، فكان للمجامع أن يستمر إلى طلوعه، فيلزم أن يقع اغتساله بعد طلوع الفجر، فدلَّ على أنَّ حديث عائشة ناسخٌ لحديث الفضل، ولم يبلغ الفضل ولا أبا هريرة الناسخ، فاستمر أبو هريرة على الفُتيا به، ثم رجع عنه بعد ذلك لما بلغه. اهـ

وأَيَّدَ الحافظ القول بالنسخ بحديث عائشة الذي في «صحيح مسلم» (١) أنَّ رجلًا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يستفتيه وهي تسمع من وراء الحجاب، فقال: يا رسول الله، يدركني الفجر وأنا جُنُبٌ أَفَأَصُوم؟ فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «وأنا يدركني الفجر وأنا جُنُبٌ فَأَصُومُ»، قال: لست مثلنا يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. فقال: «والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأعلم بما أتقي».

قال الحافظ -رحمه الله-: ويُقَوِّي النسخ أنَّ في حديث عائشة هذا الأخير ما يُشعر بأنَّ ذلك كان بعد الحديبية؛ لقوله فيه: قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. وأشار إلى آية الفتح، وهي إنما أُنزِلت عام الحديبية سنة سِتٍّ، وابتداء فرض الصيام كان في السنة الثانية. اهـ

وإلى القول بالنسخ ذهب ابن المنذر، والخطابي، وابن دقيق العيد، ورجحه الحافظ، وتبعه الصنعاني. (٢)


(١) أخرجه مسلم برقم (١١١٠).
(٢) انظر: «الفتح» (١٩٢٦)، «السبل» (٢/ ٣٣٥، ٣٣٦) ط/دار الكتاب العربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>