للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مات؛ فلا صوم عليه. اهـ

قلتُ: وأما استدلال الحنفية، والمالكية بقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم:٣٩]، فقد قال ابن حزمٍ -رحمه الله-: أما قوله تعال: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} فَحَقٌّ؛ إلا أنَّ الذي أنزل هذا هو الذي قال لرسوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:٤٤]، وهو الذي قال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:٨٠]؛ فصحَّ أنه ليس للإنسان إلا ما سعى، وما حكم الله تعالى أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ له من سَعْي غيره عنه، والصوم من جملة ذلك. اهـ

وأما حديث: «انقطع عمله»؛ فالحديث ليس فيه إلا انقطاع عمل الميت فقط، وليس فيه انقطاع عمل غيره عنه أصلًا.

وأما ما استدل به أهل القول الثاني، فقد قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: وليس بينهما تعارضٌ حتى يجمع بينهما، فحديث ابن عباس صورة مستقلة سأل عنها من وقعت له، وأما حديث عائشة فتقريرُ قاعدةٍ عامَّةٍ، وقد وقعت الإشارة في حديث ابن عباس إلى هذا العموم، حيث قال في آخره: «فدين الله أحق أن يُقضى».اهـ. (١)

تنبيه: ما تقدم من الخلاف في المسألة هو فيما إذا تمكن من قضائه فمات ولم يقض، أما إذا لم يتمكن من قضائه حتى مات؛ فقد نقل غير واحد الإجماع أنه لا


(١) انظر: «الفتح» (١٩٥٢)، «المحلَّى» (٧٧٥)، «السبل» (٢/ ٣٣٦)، «الشرح الممتع» (٦/ ٤٥٦)، «الكبرى للبيهقي» (٤/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>