القول الثالث: تحريم صومها إلا للمتمتع إذا لم يجد الهدي، وهو قول ابن عمر، وعائشة -رضي الله عنهم-، وصح عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، أنه كان يصومها، وذهب إليه مالك، والشافعي في القديم، وهو مذهب الحنابلة.
واستدلوا على الجواز للمتمتع بعموم الآية:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}[البقرة:١٩٦]؛ فإنَّ عموم هذه الآية يشمل أيام التشريق؛ لأنها من أيام الحج.
وقد عارض هذا العمومَ عمومُ الحديث المتقدم:«كان يأمرنا بإفطارها، وينهانا عن صيامها»؛ فإنه عامٌّ في الحاج وفي غيره، فوجب ترجيح أحد العمومين، وتخصيص الآخر بالعام الرَّاجح.
وقد رجَّح الصنعاني -رحمه الله- عموم الحديث، قال: لكونه مقصودًا بالدلالة على أنها ليست محلًّا للصوم، وأنَّ ذاتها باعتبار ما هي مؤهلة له، كأنها منافية للصوم.
والذي يظهر لي -والله أعلم- هو ترجيح عموم الآية؛ لحديث ابن عمر، وعائشة -رضي الله عنهم-، الذي في الباب.
فقولهما:(لم يرخص) يحتمل أنهما أرادا: لم يرخص النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وعلى هذا فلا إشكال، ويحتمل أنهما فهماه من الآية المتقدمة -وهو أقرب- وعلى هذا ففهمهما لذلك من القرائن في ترجيح عموم الآية.
ومما يدل على ذلك أنَّ الصوم إنما يجب على المتمتع عند عدم وجود