٦) روى ابن أبي شيبة (٣/ ٧٩) بإسناد صحيح عن أبي عمرو الشيباني، قال: بلغ عمر أنَّ رجلًا يصوم الدهر، فأتاه، فعلاه بالدُّرَّةِ، وجعل يقول: كل يا دهري.
قال ابن حزم -رحمه الله-: فصحَّ أن تحريم صوم الدهر كان من مذهبه، ولو كان عنده مباحًا لما ضرب فيه، ولا أمر بالفطر.
والراجح -والله أعلم- هو القول الأول؛ لدلالة قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لا صام ولا أفطر».
وقد أجاب الجمهور عن هذا: بأنه محمول على من صام الدهر حقيقةً؛ فإنه يدخل فيه ما حرم صومه كالعيدين.
لكن قال ابن القيم -رحمه الله-: وَلَيْسَ مُرَادُهُ بِهَذَا مَنْ صَامَ الْأَيّامَ المُحَرّمَةَ؛ فَإِنّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ: أَرَأَيْت مَنْ صَامَ الدّهْرَ؟ وَلَا يُقَالُ فِي جَوَابِ مَنْ فَعَلَ المُحَرّمَ: (لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ)؛ فَإِنّ هَذَا يُؤْذِنُ بِأَنّهُ سَوَاءٌ فِطْرُهُ وَصَوْمُهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَلَا يُعَاقَبُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَنْ فَعَلَ مَا حَرّمَ الله عَلَيْهِ مِنْ الصّيَامِ، فَلَيْسَ هَذَا جَوَابًا مُطَابِقًا لِلسّؤَالِ عَنْ المُحَرّمِ مِنْ الصّوْمِ. اهـ
وأما الرد على أدلة الجمهور:
١)، ٢) قال ابن القيم -رحمه الله-: نَفْسُ هَذَا التّشْبِيهِ فِي الْأَمْرِ الْمُقَدّرِ لَا يَقْتَضِي جَوَازَهُ؛ فَضْلًا عَنْ اسْتِحْبَابِهِ، وَإِنّمَا يَقْتَضِي التّشْبِيهَ بِهِ فِي ثَوَابِهِ لَوْ كَانَ مُسْتَحَبّا، وَالدّلِيلُ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِ الْحَدِيثِ؛ فَإِنّهُ جَعَلَ صِيَامَ ثَلَاثَةِ أَيّامٍ مِنْ كُلّ شَهْرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute