للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَبِيلًا} [آل عمران:٩٧]، والأمر يقتضي الفور؛ مالم يقترن بقرينة تدلُّ على التراخي على الأصح في علم الأصول.

وبقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من أراد الحج فليتعجَّل»، وهو حديث حسن بطريقيه، أخرجه أحمد (١/ ٢١٤، ٢٢٥)، وأبو داود (١٧٣٢)، وابن ماجه (٢٨٨٣)، والدارمي (١٧٨٤)، والحاكم (١/ ٤٤٨)، والبيهقي (٤/ ٣٣٩ - ) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَلِأَنَّهُ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، فَكَانَ وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ، كَالصِّيَامِ، وَلِأَنَّ وُجُوبَهُ بِصِفَةِ التَّوَسُّعِ يُخْرِجُهُ عَنْ رُتْبَةِ الْوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَخَّرُ إلَى غَيْرِ غَايَةٍ وَلَا يَأْثَمُ بِالمَوْتِ قَبْلَ فِعْلِهِ؛ لِكَوْنِهِ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ وَلَيْسَ عَلَى المَوْتِ أَمَارَةٌ يَقْدِرُ بَعْدَهَا عَلَى فِعْلِهِ. اهـ

الثاني: أنَّ وجوبه موسعٌ وله تأخيره، وهو قول الشافعي وأصحابه، والأوزاعي، والثوري، ومحمد بن الحسن، وهو قول بعض الحنابلة. واستدلوا على ذلك بأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حجَّ في السنة العاشرة، وقالوا: وجوب الحج كان في السنة السادسة؛ لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:١٩٦]، وهذه الآية نزلت في السنة السادسة؛ لأنها نزلت في كعب بن عجرة يوم الحديبية، وكذلك حج بالناس في السنة التاسعة أبو بكر -رضي الله عنه-.

قال أبو عبد الله غفر الله له: القول الأول أقرب، والله أعلم.

وقد أجاب الإمام ابن عثيمين -رحمه الله- على أدلتهم فقال: وأما الاستدلال بقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فغير صحيح؛ لأنَّ هذا ليس أمرًا بهما ابتداءً، ولكنه

<<  <  ج: ص:  >  >>