وسعيد بن جبير، وأحمد، والشافعي، وإسحاق. قال الترمذي: العمل عليه عند أهل العلم. واستدلوا بحديث أنس -رضي الله عنه- الذي في الباب.
القول الثالث: استطاعة كل إنسان بحسبه، فبعضهم لا يحتاج إلى راحلة، ويستطيع أن يمشي بدون مشقة، وبعضهم لا يحتاج إلى زاد؛ لاستغنائه بتجارة، أو عمل يوافقه في الطريق، فيكون في حكم من تزود، وبعضهم عنده الزاد والراحلة، وليس عنده القدرة على الذهاب؛ فيجب عليه أن ينوب غيره.
قال ابن حزم -رحمه الله- في «المحلى»(٨١٥): واستطاعة السبيل الذي يجب به الحج إِمَّا صحةُ الجسم والطاقة على المشي والتكسب من عمل أو تجارة ما يبلغ به إلى الحج ويرجع إلى موضع عيشه أو أهله، وإما مال يُمَكِّنُه من ركوب البحر أو البر، والعيش منه حتى يبلغ مكة ويرده إلى موضع عيشه أو أهله، وإن لم يكن صحيح الجسم؛ إلا أنه لا مشقة عليه في السفر برًّا أو بحرًا، وإما أن يكون له من يطيعه؛ فيحج عنه ويعتمر بأجرة أو بغير أجرة إن كان هو لا يقدر على النهوض لا راكبًا ولا راجلًا، فأي هذه الوجوه أمكنت الإنسان المسلم العاقل البالغ؛ فالحج والعمرة فرضٌ عليه، ومن عجز عن جميعها؛ فلا حج عليه ولا عمرة. اهـ
ثم نقل ابن حزمٍ -رحمه الله- (٧/ ٥٤) عن ابن عباس، وابن الزبير -رضي الله عنهم-، ما يدل على هذا القول، ولكن بإسنادين ضعيفين، ثم قال: وهو أحد قولي عطاء. اهـ
قال أبو عبد الله غفر الله له: وهو قول بعض الحنابلة، وهذا القول هو الصواب؛ لأنَّ حديث الباب لم يثبت، ولأنه يشمله قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ