فأما رواية الرفع فرواها جماعة وهم: عبدة بن سليمان، وقد تقدمت روايته، وقال ابن معين: هو أثبت الناس سماعًا في ابن أبي عروبة. أبويوسف القاضي، وروايته عند الدارقطني (٢/ ٢٧٠)، والبيهقي (٤/ ٣٣٦)، بإسناد صحيح عنه، وهو ضعيف. محمد بن بشر، وروايته عند الدارقطني (٢/ ٢٧٠)، وفي إسناده حميد بن الربيع وقد كذب. محمد بن عبدالله الأنصاري، وروايته عند الدارقطني (٢/ ٢٧٠)، وفي إسناده إبراهيم العتيق، قال الدارقطني: غمزوه. وأما رواية الوقف، فجاءت من رواية: محمد بن جعفر غندر وروايته عند الدارقطني (٢/ ٢٧١)، بإسناد صحيح. الحسن بن صالح، وروايته عند الدارقطني (٢/ ٢٧١)، وفي إسناده يحيى بن الفضيل وهو مجهول الحال.
وروي من وجه آخر موقوفًا، أخرجه الشافعي كما في «المسند» (١/ ٣٨٩) من طريق أيوب وخالد الحذاء عن أبي قلابة عن ابن عباس به موقوفًا. ورجاله ثقات إلا أن أبا قلابة لم يسمع من ابن عباس. وقد رجح رواية الوقف الإمام أحمد فقال كما حكاه عنه الأثرم: رفعه خطأ، رواه عدة موقوفًا. ونقل مهنا عنه أنه قال: لا يصح، إنما هو عن ابن عباس. اهـ وقال الحافظ في «التلخيص»: قال ابن المنذر: لا يثبت رفعه. وصحح رواية الرفع ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي وعبدالحق وابن القطان وآخرون، وحجتهم أن الرفع رواية ثقة، بل قال ابن معين: أثبت الناس سماعًا من سعيد عبدة بن سليمان. قلتُ: وقد خالفه غندر، وسماعه من سعيد أيضًا قبل الاختلاط، فقد قال الفلاس: سمعت غندرًا يقول: ما أتيت شعبة حتى فرغت من سعيد يعني أنه سمع منه قديمًا. «شرح العلل» (٢/ ٧٤٤). فالذي يظهر لي والله أعلم أن الراجح وقف الحديث كما رجحه أحمد وابن المنذر وهما أحفظ ممن رجح الرفع، ولأنه قد روي من وجه آخر موقوفًا كما تقدم، ولأنه يبعد وقوع القصة مرتين بنفس السياق، والله أعلم. وانظر: «نصب الراية» (٣/ ١٥٥)، و «التلخيص» (٢/ ٤٢٧)، و «الفروع» (٣/ ٢٦٥)، و «شرح العمدة» (١/ ٢٩١).