قال أبو عبد الله غفر الله له: القول الأول هو الصواب؛ لِمَا تقدَّم من الأدلة، وأما كون النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قَرَنَ ولم يتمتع؛ فكان ذلك بسب سوق الهدي، وقد تمنَّى عليه الصلاة والسلام أنه لم يسقه، وأحلَّ كما أحلُّوا، وجعلها عمرة؛ ولذلك فمن ساق الهدي فالأفضل في حقِّه القِرَان، كما قال أحمد -رحمه الله-، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
وأما ما جاء من أنَّ الخلفاء أفردوا فقد خالفهم غيرهم من الصحابة كما تقدم، وأما الأحاديث التي فيها أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أفرد فقد عارضها أحاديث أخرى في «الصحيحين» في أنه قرن، وفي بعضها أنه تمتع.
قال النووي -رحمه الله- في «شرح مسلم»(٨/ ١٣٥): وَالصَّحِيح أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَوَّلًا مُفْرِدًا ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ بَعْد ذَلِكَ، وَأَدْخَلَهَا عَلَى الْحَجّ؛ فَصَارَ قَارِنًا.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني»(٥/ ٨٧): يُمْكِنُ الجمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، بِأَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ مِنْهَا لِأَجْلِ هَدْيِهِ، حَتَّى أَحْرَمَ بِالْحَجِّ،