مَنْ قَالَ: إنّهُ قَرَنَ قِرَانًا طَافَ فِيهِ طَوَافَيْنِ وَسَعَى فِيهِ سَعْيَيْنِ، وَعَلَى مَنْ يَقُولُ: إنّهُ حَلّ مِنْ إحْرَامِهِ ... .
ثم قال: وَمَنْ تَأَمّلَ أَلْفَاظَ الصّحَابَةِ، وَجَمَعَ الْأَحَادِيثَ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ، وَاعْتَبَرَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَفَهِمَ لُغَةَ الصّحَابَةِ؛ أَسْفَرَ لَهُ صُبْحُ الصّوَابِ، وَانْقَشَعَتْ عَنْهُ ظُلْمَةُ الِاخْتِلَافِ وَالِاضْطِرَابِ، وَاَللهُ الْهَادِي لِسَبِيلِ الرّشَادِ، وَالْمُوَفّقُ لِطَرِيقِ السّدَادِ.
فَمَنْ قَالَ: إنّهُ أَفْرَدَ الْحَجَّ. وَأَرَادَ بِهِ أَنّهُ أَتَى بِالْحَجّ مُفْرِدًا، ثُمّ فَرَغَ مِنْهُ وَأَتَى بِالْعُمْرَةِ بَعْدَهُ مِنْ التّنْعِيمِ أَوْ غَيْرِهِ، كَمَا يَظُنّ كَثِيرٌ مِنْ النّاسِ؛ فَهَذَا غَلَطٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ الصّحَابَةِ، وَلَا التّابِعِينَ، وَلَا الْأَئِمّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمّةِ الْحَدِيثِ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنّهُ حَجّ حَجًّا مُفْرَدًا لَمْ يَعْتَمِرْ مَعَهُ، كَمَا قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ السّلَفِ وَالْخَلَفِ؛ فَوَهْمٌ أَيْضًا، وَالْأَحَادِيثُ الصّحِيحَةُ الصّرِيحَةُ تَرُدّهُ كَمَا تَبَيّنَ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنّهُ اقْتَصَرَ عَلَى أَعْمَالِ الْحَجّ وَحْدَهُ، وَلَمْ يُفْرِدْ لِلْعُمْرَةِ أَعْمَالًا؛ فَقَدْ أَصَابَ، وَعَلَى قَوْلِهِ تَدُلّ جَمِيعُ الْأَحَادِيثِ. وَمَنْ قَالَ: إنّهُ قَرَنَ. فَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنّهُ طَافَ لِلْحَجّ طَوَافًا عَلَى حِدَةٍ، وَلِلْعُمْرَةِ طَوَافًا عَلَى حِدَةٍ، وَسَعَى لِلْحَجّ سَعْيًا، وَلِلْعُمْرَةِ سَعْيًا؛ فَالْأَحَادِيثُ الثّابِتَةُ تَرُدّ قَوْلَهُ. وَإِنْ أَرَادَ أَنّهُ قَرَنَ بَيْنَ النّسُكَيْنِ، وَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا، وَسَعَى لَهُمَا سَعْيًا وَاحِدًا؛ فَالْأَحَادِيثُ الصّحِيحَةُ تَشْهَدُ لِقَوْلِهِ، وَقَوْلُهُ هُوَ الصّوَابُ.
وَمَنْ قَالَ: إنّهُ تَمَتّعَ. فَإِنْ أَرَادَ أَنّهُ تَمَتّعَ تَمَتّعًا حَلّ مِنْهُ، ثُمّ أَحْرَمَ بِالْحَجّ إِحْرَامًا مُسْتَأْنَفًا؛ فَالْأَحَادِيْثُ تَرُدُّ قَوْلَهُ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنّهُ تَمَتّعَ تَمَتّعًا لَمْ يَحِلّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute