لبَّى، وقال:«لتأخذوا عني مناسككم»(١)، ولحديث السائب بن خلاد الذي في الكتاب، وهو قول بعض الشافعية.
الثالث: أنها شرط لصحة الإحرام، وهو مذهب الثوري، وأبي حنيفة، والظاهرية، قال ابن حزمٍ:(وهو فرضٌ ولو مرة) وهو قول عطاء وبعض الشافعية.
قال أبو عبد الله غفر الله له: أما حديث: «خذوا عني مناسككم»؛ فهو حديث مجملٌ، ومعناه: أن نفعل كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الحج، فما كان واجبًا؛ فعلناه على سبيل الوجوب، وما كان مستحبًّا؛ فعلناه على سبيل الاستحباب، ولا يصح أن يقال:(كل ما فعله رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الحج فهو واجبٌ)؛ لهذا الحديث، فقد أجمع أهل العلم على أنَّ كثيرًا من الأفعال التي فعلها النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ليست واجبة، بل مستحبة؛ وعلى هذا فيؤخذ الوجوب والاستحباب من أدلة أخرى، والله أعلم.
وأما حديث السائب بن خلاد؛ فإنَّ الأمر على سبيل الاستحباب، فإنَّا لا نعلم أحدًا أوجب رفع الصوت في التلبية غير داود، وابن حزم، ومع ذلك فقال ابن حزم:(فرض ولو مرة)، ولا نعلم له دليلًا على تخصيص الوجوب بمرة.
فالظاهر أنَّ الراجح هو القول الأول، والله أعلم.
ولا ينبغي لإنسان أن يترك التلبية؛ للخلاف في وجوبها، ولفضيلتها، فقد صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من حديث سهل ابن سعد أنه قال: ما من مسلم يلبِّي إلا لبَّى ما عن يمينه وشماله من حجر، أو شجر، أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا، وهاهنا.