للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في «الصحيحين»، وفي حديث جابر في «مسلم»، وقد تقدما.

قال النووي -رحمه الله- في «شرح مسلم» (٨/ ٧٤ - ٧٥): وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، فَقَالَ أَحْمَد: يَجُوز لُبْس الْخُفَّيْنِ بِحَالِهِمَا، وَلَا يَجِب قَطْعهمَا؛ لِحَدِيثِ اِبْن عَبَّاس، وَجَابِر. وَكَانَ أَصْحَابه يَزْعُمُونَ نَسْخ حَدِيث اِبْن عُمَر الْمُصَرِّح بِقَطْعِهِمَا، وَزَعَمُوا أَنَّ قَطْعهمَا إِضَاعَة مَال.

وَقَالَ مَالِك، وَأَبُو حَنِيفَة، وَالشَّافِعِيُّ، وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء: لَا يَجُوز لُبْسهمَا إِلَّا بَعْد قَطْعهمَا أَسْفَل مِنْ الْكَعْبَيْنِ؛ لِحَدِيثِ اِبْن عُمَر، قَالُوا: وَحَدِيث اِبْن عَبَّاس وَجَابِر مُطْلَقَانِ، فَيَجِب حَمْلهمَا عَلَى الْمَقْطُوعَيْنِ، لِحَدِيثِ اِبْن عُمَر؛ فَإِنَّ الْمُطْلَق يُحْمَل عَلَى الْمُقَيَّد، وَالزِّيَادَة مِنْ الثِّقَة مَقْبُولَة.

وَقَوْلهمْ: إِنَّهُ إِضَاعَة مَال لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْإِضَاعَة إِنَّمَا تَكُون فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ، وَأَمَّا مَا وَرَدَ الشَّرْع بِهِ فَلَيْسَ بِإِضَاعَةٍ، بَلْ حَقّ يَجِب الْإِذْعَان لَهُ، وَاَللهُ أَعْلَم. اهـ

قلتُ: وقال بقول أحمد: عطاء، وعكرمة، وسعيد القداح، وهوقريب؛ لأنَّ حديث ابن عباس، وجابر كان بعرفات، ولو كان واجبًا؛ لبيَّنه للناس، وحديث ابن عمر كان في المدينة في مسجد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما جاء في بعض ألفاظه.

والعمل بقول الجمهور أحوط؛ خروجًا من الخلاف، والله أعلم. (١)


(١) انظر: «المغني» (٥/ ١٢١ - ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>