للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٤ - وَعَنْ عُمَرَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ، فَيُسْبِغُ الوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ [الثَّمَانِيَةُ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ] (١)». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (٢) وَالتِّرْمِذِيُّ، وَزَادَ: «اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ المُتَطَهِّرِينَ». (٣)


(١) ليس موجودًا في (أ)، و (ب) وهي في «صحيح مسلم».
(٢) أخرجه مسلم برقم (٢٣٤).
(٣) أخرجه الترمذي (٥٥) من طريق جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي الكوفي، قال: حدثنا زيد بن حباب، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن أبي إدريس الخولاني، وأبي عثمان، عن عمر بن الخطاب به.
قال الترمذي -رحمه الله-: خولف زيد بن حباب في هذا الحديث. وروى عبد الله بن صالح، وغيره، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس، عن عقبة بن عامر، عن عمر، وعن ربيعة، عن أبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عمر. وهذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب كبير شيء. اهـ

وتعقبه الألباني -رحمه الله- في «صحيح أبي داود» (١٦٢)، فقال: كذا قال، وهو بعيد عن الصواب؛ فقد تبين لك مما حررنا آنفًا أن الاضطراب إنما هو في رواية زيد بن الحباب وحده، وأن رواية الجماعة- عند مسلم وأبي عوانة والمصنف وغيرهم- سالمة منه؛ فلا يجوز تضعيف الحديث لمجرد اضطراب راوٍ واحد فيه، قد وافق الجماعة المتابعين له على الصواب. ولذلك قال الحافظ في «التلخيص» (١/ ٤٥٤) - متعقبًا كلام الترمذي المذكور-: لكن رواية مسلم سالمة من هذا الاعتراض؛ والزيادة التي عنده؛ رواها البزار، والطبراني في «الأوسط» من طريق ثوبان ولفظه: «من دعا بوَضوء فتوضأ، فساعة فرغ من وضوئه يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، اللهم! اجعلني من التوابين واجعلتي من المتطهرين ... » الحديث.
قلتُ: حديث ثوبان هذا سكت عليه الحافظ، وقد أورده الهيثمي في «المجمع» (١/ ٢٣٩) بهذا اللفط؛ ثمّ قال: "رواه الطبراني في «الأوسط»، و «الكبير» باختصار، وقال في «الأوسط»: "تفرد به مِسْوَرُ بن مُوَرع"، ولم أجد من ترجمه. وفيه أحمد بن سهيل الوراق، ذكره ابن حبان في «الثقات». وفي إسناد «الكبير» أبو سعد البقال، والأكثر على تضعيفه، ووثقه بعضهم".
قال الألباني -رحمه الله-: "ورواه ابن السني أيضا (رقم ٣٠) من طريق أبي سعد الأعور عن أبي سلمة عن ثوبان مرفوعًا. والأعور: هو البقال، وهو ضعيف مدلس، كما في «التقريب» ".
ثم ذكر الحافظ أن لفظ رواية البزار عن ثوبان: "من توضأ فأحسن الوضوء، ثمّ رفع طرفه إلى السماء ... " الحديث.
قلتُ: وهذه الزيادة- أعني: رفع الطرف إلى السماء- رويت من طريق أخرى عن عقبة بن عامر أيضا. لكن الراوي لها عنه مجهول؛ من أجل ذلك أوردناها في الكتاب الآخر -يعني: «الضعيفة» - (رقم ٢٤). والشاهد المذكور لا يقويه؛ لما بينا هناك فليراجعه من شاء. انتهى
قال أبو عبد الله الفضلي عافاه الله: أما زيادة: «اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين» في حديث عمر فهي شاذة غير محفوظة؛ فقد تفرد بها جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي، عن زيد بن الحباب، وخالفه عدد من الثقات والحفاظ فرووه عن زيد بن الحباب بدون ذكر هذه الزيادة، وهم:

١ - أبو بكر بن أبي شيبة كما في «مصنفه» (١/ ٣) و «صحيح مسلم» (٢٣٤).

٢ - بشر بن آدم عند البزار (٢٤٣)، وهو حسن الحديث.

٣ - محمد بن علي بن حرب المروزي عند النسائي في «الكبرى» (١٤٠)، وفي «الصغرى» (١٤٨).

٤ - عباس بن محمد الدوري عند أبي عوانة (٦٠٤)، والبيهقي في «الدعوات الكبير» (٥٨)، وفي «الصغرى» (١٠٨)، وفي «الكبرى» (١/ ٧٨).

٥ - أبو بكر الجعفي عند أبي عوانة (٦٠٥).

٦ - أبو كريب عند أبي نعيم في «المستخرج على مسلم» (٥٥٤).
وكذلك قد روى الحديث جمع من الرواة عن معاوية بن صالح بدون هذه الزيادة، وهم:

١ - الليث بن سعد عند أحمد (٤/ ١٤٥).

٢ - عبد الرحمن بن مهدي عند أحمد (٤/ ١٥٣)، ومسلم (٢٣٤).

٣ - عبد الله بن وهب كما في «سنن أبي داود» (١٦٩)، و «صحيح ابن خزيمة» (٢٢٢)، وأبي عوانة (٦٠٦)، وابن حبان (١٠٥٠).

٤ - أسد بن موسى عند النسائي في «الكبرى» (١٤١)، وابن خزيمة (٢٢٣)، وأبي عوانة (٦٠٧).

٥ - عبد الله بن صالح كما في «مسند الشاميين» (١٩٢٤)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٢٤٩٨)، وفي «البعث والنشور» (٢٣٤).
فتبين مما تقدم أن الزيادة المذكورة في حديث عمر شاذة غير محفوظة.
وأما حديث ثوبان الذي أشار إليه الحافظ ابن حجر والإمام الألباني رحمهما الله؛ فراجعه في «الأوسط» (٤٨٩٥)، و «عمل اليوم والليلة» لابن السني (٣٢)، و «تاريخ بغداد» (٥/ ٢٦٩).
وقد جاء الحديث بالزيادة المذكورة عن ابن عمر وأنس -رضي الله عنهما-:
أخرجه البيهقي في «السنن الصغرى» (١٠٩)، وابن عساكر في «معجمه» (١٣٥٠) من طريق عبد الرحيم بن زيد العمي، عن أبيه، عن معاوية بن قرة، عن ابن عمر وأنس به. وهذا إسنادٌ واهٍ؛ عبد الرحيم بن زيد العمي متروك، وأبوه ضعيف.
ونخلص مما تقدم أن الذكر الوارد عقب الوضوء صحيح بدون زيادة النظر إلى السماء، وبدون زيادة: «اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين».

<<  <  ج: ص:  >  >>