القول الأول: استحباب فسخ الحج إلى عمرة، وهو مذهب الحسن، ومجاهد، وأحمد، وداود؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر الصحابة بذلك كما في أحاديث كثيرة تبلغ حد التواتر.
القول الثاني: وجوب فسخ الحج إلى عمرة، وهو قول ابن عباس، وابن حزم، وابن القيم، ثم الإمام الألباني، والإمام الوادعي رحمة الله عليهما. واستدلوا على ذلك بأمر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بذلك، وغَضِبَ على الصحابة حين ترددوا في ذلك.
القول الثالث: عدم جواز فسخ الحج إلى عمرة؛ لأنه نُسُك قد نواه؛ فلا يجوز تغييره، وهذا قول الجمهور، وقالوا: أمر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالفسخ خاصٌّ بالصحابة.
واستدلوا على ذلك بحديث الحارث بن بلال بن الحارث المزني، عن أبيه، أنه قال: يا رسول الله، فسخ الحج لنا خاصَّة، أو لمن أتى؟ قال:«لكم خاصَّة» أخرجه أبو داود (١٨٠٨)، والنسائي (٥/ ١٧٩)، وابن ماجه (٢٩٨٤)، وهو حديث ضعيفٌ؛ لجهالة الحارث بن بلال، ولمخالفته الأحاديث الصحيحة أنَّ سُراقة بن مالك قال: يا رسول الله، ألِعامنا هذا، أم لأبد؟ فقال:«لا، بل لأبد أبد». (١)
واستدلوا على الخصوصية بحديث أبي ذر -رضي الله عنه- في «صحيح مسلم»(١٢٢٤)، قال: كانت المتعة لنا أصحابَ محمد - صلى الله عليه وسلم - خاصة.
وهذا الحديث أَوَّلُوه على أن مقصود أبي ذر -رضي الله عنه-: (فسخ الحج إلى عمرة)،
(١) أخرجه مسلم (١٢١٦) (١٢١٨)، من حديث جابر -رضي الله عنه-، وجاء عن غيره.