للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الحافظ -رحمه الله-: وعن مالك، والأوزاعي، وهو وجهٌ للشافعية أن الجمع بعرفة جمع للنسك؛ فيجوز لكل أحد، وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن القاسم ابن محمد: سمعت ابن الزبير يقول: إنَّ من سنة الحج أنَّ الإمام يروح إذا زالت الشمس يخطب، فيخطب الناس، فإذا فرغ من خطبته نزل فصلى الظهر والعصر جميعًا. اهـ

قلتُ: واختاره ابن قدامة، ورجحه بكلام أقوى فقال: وليس بصحيح -يعني القول الأول- لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع، فجمع معه من حضره من المكيين وغيرهم، ولم يأمرهم بترك الجمع كما أمرهم بترك القصر حين قال: «أتموا؛ فإِنَّا سَفْرٌ» (١)، ولو حرم الجمع؛ لبيَّنَه لهم؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولا يقر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على الخطأ.

ثم نقل الجمع عن عثمان، وابن الزبير (٢)، وعمر بن عبد العزيز.

ثم قال: ولم يبلغنا عن أحد من المتقدمين خلاف في الجمع بعرفة، ومزدلفة، بل وافق عليه من لا يرى الجمع في غيره، والحق فيما أجمعوا عليه؛ فلا يعرج على


(١) أخرجه أبو داود (١٢٢٩)، والترمذي (٥٤٥)، عن عمران بن حصين -رضي الله عنه-، وفي إسناده: علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.
(٢) أخرج أثر ابن الزبير ابن أبي شيبة (٥/ ٤٢٦) ط/ الرشد، عن ابن نمير، ويزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم، عن ابن الزبير به. وإسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين.
وأما أثر عثمان -رضي الله عنه-؛ فما ذكر عنه شيء مشهور من صنيع الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>