للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أرخص لأولئك رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. واستدلوا بقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «خذوا عني مناسككم».

القول الثالث: أنَّ المبيت سنة، وهو وجهٌ عند الشافعية، وعزاه الحافظ في «الفتح» لعطاء، والأوزاعي، وقالوا: إنما هو منزلٌ مَنْ شَاَء نَزَلَه، ومن شاء لم ينزل. وأخرج الطبري من حديث عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- مرفوعًا: «إنما جمع منزل لدلج المسلمين»، قال الحافظ: وسنده فيه ضعف.

قلتُ: هذه المسألة قوية الخلاف، والقولان الأولان أقرب، وأقربهما القول الثاني، وهو ترجيح الإمام ابن باز، والإمام ابن عثيمين رحمة الله عليهما؛ لما تقدم من الأدلة، وحديث عروة بن المضرس -رضي الله عنه- ظاهره كما قال أهل القول الأول، ولكن في حديث عبد الرحمن بن يعمر -وقد تقدم-: «الحج عرفة، فمن أدرك ليلة جمع قبل صلاة الفجر؛ فقد أدرك»، ومعلومٌ أنَّ من لم يقف إلا قبل طلوع الفجر بيسير؛ فإنه لا يدرك المبيت بمزدلفة، وهذا يدل على أنه ليس ركنًا من أركان الحج، وأنه يعذر من تركه لعذرٍ كمن تأخر، وعلى هذا فيكون قوله في حديث عروة: «فقد تم حجه» يدل على أنَّ من لم يقف بمزدلفة متعمدًا بغير عذر؛ فحجه ناقص، ولا يبطل، وقد ألزمه القائلون بالوجوب بدمٍ؛ ليجبر النقص، ويشمله قول ابن عباس -رضي الله عنهما-، المتقدم: (من ترك نسكًا؛ فعليه دم)، والله أعلم. (١)

تنبيه: ليس المقصود عند أهل العلم بإيجاب المبيت أنه يلزمه أن ينام،


(١) وانظر: «المغني» (٥/ ٢٨٤)، «المجموع» (٨/ ١٥٠)، «شرح مسلم» (٨/ ١٨٨)، «زاد المعاد» (٢/ ٢٥٣)، «الفتح» (١٦٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>