فأما المتمتع فقد أجمع العلماء على أنه يجب عليه دمٌ؛ للآية المتقدمة، نقل الإجماع ابن المنذر، والنووي، وابن قدامة وغيرهم.
• وأما القارن: فذهب أكثر العلماء إلى أنه يجب عليه الهدي أيضًا؛ لأنه يطلق عليه (متمتع)، وقد أطلق جماعةٌ من الصحابة على النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه تمتع، ومن المعلوم أنه كان قارنًا، واستدلوا بفعل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وقوله:«خذوا عني مناسككم».
• وذهب جماعةٌ من أهل العلم إلى أنَّ الهدي لا يجب على القارن، وإنما هو مستحبٌّ، وهو قول شُريح، وداود الظاهري، وابنه، وابن حزم، ورُوي عن طاوس، وقالوا: لم يثبت دليلٌ على أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمر من قرن بالهدي، واستدل ابن حزم أيضًا بحديث عائشة أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمرها أن تدخل الحج على العمرة، وصارت قارنة، ولم يأمر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عائشة -رضي الله عنها- أن تُهدي، بل في «الصحيح»(١) أنها قالت: ولم يكن في ذلك هدي، ولا صوم، ولا صدقة. وجاء من قول عروة أيضًا.
قال أبو عبد الله غفر الله له: وهذا القول أقرب، والله أعلم؛ لأنَّ الآية:{فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} الظاهر أن المقصود منها التمتع الخاص المعروف عند الفقهاء؛ لقوله في الآية:{بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}، فظاهرها أنَّ العمرة منفصلة، ثم يحل، ثم يحج، وأما القارن؛ فإن عمرته مع حجته، ولا يصح أن يقال فيها (إلى الحج).