للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاجِبٍ، لَمْ يَخْلُ مِنْ حَالَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْوِيَهُ هَدْيًا، وَلَا يُوجِبُ بِلِسَانِهِ وَلَا بِإِشْعَارِهِ وَتَقْلِيدِهِ، فَهَذَا لَا يَلْزَمُهُ إمْضَاؤُهُ، وَلَهُ أَوْلَادُهُ وَنَمَاؤُهُ وَالرُّجُوعُ فِيهِ مَتَى شَاءَ، مَا لَمْ يَذْبَحْهُ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الصَّدَقَةَ بِشَيْءِ مِنْ مَالِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَوَى الصَّدَقَةَ بِدِرْهَمٍ.

الثَّانِي: أَنْ يُوجِبَهُ بِلِسَانِهِ، فَيَقُولَ: هَذَا هَدْيٌ. أَوْ يُقَلِّدَهُ أَوْ يُشْعِرَهُ، يَنْوِي بِذَلِكَ إهْدَاءَهُ، فَيَصِيرُ وَاجِبًا مُعَيَّنًا، يَتَعَلَّقُ الْوُجُوبُ بِعَيْنِهِ، دُونَ ذِمَّةِ صَاحِبِهِ، وَيَصِيرُ فِي يَدَيْ صَاحِبِهِ كَالْوَدِيعَةِ، يَلْزَمُهُ حِفْظُهُ وَإِيصَالُهُ إلَى مَحِلِّهِ، فَإِنْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ، أَوْ سَوْقٍ، أَوْ ضَلَّ، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ فِي الذِّمَّةِ، إنَّمَا تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِالْعَيْنِ، فَسَقَطَ بِتَلَفِهَا، كَالْوَدِيعَةِ.

وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ أَهْدَى تَطَوُّعًا، ثَمَّ ضَلَّتْ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْبَدَلُ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ، فَإِنْ كَانَ نَذْرًا، فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ» (١).

وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ: «مَنْ أَهْدَى تَطَوُّعًا، ثَمَّ عَطِبَ فَإِنْ شَاءَ أَبْدَلَ، وَإِنْ شَاءَ أَكَلَ، وَإِنْ كَانَ نَذْرًا فَلْيُبْدِلْ» (٢).


(١) ضعيف جدًّا: أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٤٢)، وفي إسناده عبد الله بن شبيب، وهو واهي الحديث.
(٢) ضعيف منكر: أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٤٢)، من طريق عبد الله بن عامر الأسلمي، عن نافع عن ابن عمر به. وإسناده ضعيف؛ لضعف عبد الله بن عامر، وقد خالف مالك فأوقفه على ابن عمر بلفظ: «من أهدي بدنة فضلت، أو ماتت، فإنها إذا كانت نذرًا أبدلها وإن كان تطوعًا، فإن شاء أبدلها وإن شاء تركها». أخرجه البيهقي (٥/ ٢٤٣)، من طريق مالك، عن نافع، عن ابن عمر به.
وقال البيهقي بعد ذكر الرواية المرفوعة: الصحيح رواية مالك، عن نافع، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>