للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: «وَخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ». رُفْقَتُهِ وَغَيْرُهِمْ.

وَلَنَا، مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ ذُؤَيْبًا أَبَا قَبِيصَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ الْبُدْنَ، ثُمَّ يَقُولُ: «إنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَخَشِيتَ عَلَيْهَا، فَانْحَرْهَا، ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا، وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِك». رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١). وَفِي لَفْظٍ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: «وَيُخَلِّيهَا وَالنَّاسَ، وَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ» (٢). وَقَالَ سَعِيدٌ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ بَعَثَ بِثَمَانِي عَشْرَةَ بَدَنَةً مَعَ رَجُلٍ، وَقَالَ: «إنْ ازْدَحَفَ عَلَيْكَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَانْحَرْهَا، ثُمَّ اُصْبُغْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْ بِهَا فِي صَفْحَتِهَا، وَلَا تَأْكُلْ أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ» (٣). وَهَذَا صَحِيحٌ مُتَضَمِّنٌ لِلزِّيَادَةِ، وَمَعْنًى خَاصٍّ، فَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى عُمُومِ مَا خَالَفَهُ.

وَلَا تَصِحُّ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ رُفْقَتِهِ وَبَيْنَ سَائِرِ النَّاسِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُشْفِقُ عَلَى رُفْقَتِهِ، وَيُحِبُّ التَّوْسِعَةُ عَلَيْهِمْ، وَرُبَّمَا وَسَّعَ عَلَيْهِمْ مِنْ مُؤْنَتِهِ. وَإِنَّمَا مُنِعَ السَّائِقُ وَرُفْقَتُهُ مِنْ الْأَكْلِ مِنْهَا؛ لِئَلَّا يُقَصِّرَ فِي حِفْظِهَا، فَيُعْطِبَهَا لِيَأْكُلَ هُوَ وَرُفْقَتُهُ مِنْهَا، فَتَلْحَقَهُ التُّهْمَةُ فِي عَطَبِهَا لِنَفْسِهِ وَرُفْقَتِهِ، فَحُرِمُوهَا لِذَلِكَ. فَإِنْ أَكَلَ مِنْهَا، أَوْ بَاعَ أَوْ أَطْعَمَ غَنِيًّا، أَوْ رُفْقَتَهُ، ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ لَحْمًا.


(١) أخرجه مسلم برقم (١٣٢٦).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٢٢٥)، وإسناده صحيح.
(٣) صحيح: إسناد سعيد بن منصور مرسل، والحديث صحيح، فقد أخرجه مسلم (١٣٢٥)، من طريق موسى بن سلمة، عن ابن عباس به، وفيه: «ست عشرة بدنة».

<<  <  ج: ص:  >  >>