للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو عبد الله غفر الله له: والأظهر هو قول مالك وأبي حنيفة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر من لم يكن عنده هدي يوم الحديبية أن يصوم عشرة أيام، ولا أن يبقى على إحرامه حتى يصوم، ولأن الله عز وجل لم يذكر الصوم.

قال ابن قدامة: وَاثْنَانِ مُخَيَّرَانِ: أَحَدُهُمَا: فِدْيَةُ الْأَذَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦].

الثَّانِي: جَزَاءُ الصَّيْدِ، وَهُوَ عَلَى التَّخْيِيرِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: ٩٥].

الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ، فَيُقَاسُ عَلَى أَشْبَهِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بِهِ، فَهَدْيُ الْمُتْعَةِ وَجَبَ لِلتَّرَفُّهِ بِتَرْكِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ، وَقَضَائِهِ النُّسُكَيْنِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ أَيْضًا دَمُ الْفَوَاتِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مِثْلُ دَمِ الْمُتْعَةِ. وَبَدَلُهُ مِثْلُ بَدَلِهِ، وَهُوَ صِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ثَلَاثَةً قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، لِأَنَّ الْفَوَاتَ إنَّمَا يَكُونُ بِفَوَاتِ لَيْلَةِ النَّحْرِ، لِأَنَّهُ تَرَكَ بَعْضَ مَا اقْتَضَاهُ إحْرَامُهُ، فَصَارَ كَالتَّارِكِ لِأَحَدِ السَّفَرَيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا أَلْحَقْتُمُوهُ بِهَدْيِ الْإِحْصَارِ، فَإِنَّهُ أَشْبَهُ بِهِ، إذْ هُوَ حَلَالٌ مِنْ إحْرَامِهِ قَبْلَ إتْمَامِهِ؟ قُلْنَا: أَمَّا الْهَدْيُ فَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ، وَأَمَّا الْبَدَلُ فَإِنَّ الْإِحْصَارَ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَى الْبَدَلِ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ قِيَاسًا، فَقِيَاسُ هَذَا عَلَى الْأَصْلِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى فَرْعِهِ، عَلَى أَنَّ الصِّيَامَ هَاهُنَا مِثْلُ الصِّيَامِ عَنْ دَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>