للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي الْهَدْيِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِفِدْيَةِ الشَّعْرِ، وَمَا عَدَاهُ مِنْ الدِّمَاءِ فَبِمَكَّةَ.

وَقَالَ الْقَاضِي فِي الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ، كَاللِّبَاسِ وَالطِّيبِ: هِيَ كَدَمِ الْحَلْقِ. وَفِي الْجَمِيعِ رِوَايَتَانِ؛ إحْدَاهُمَا: يَفْدِي حَيْثُ وُجِدَ سَبَبُهُ. وَالثَّانِيَةُ: مَحِلُّ الْجَمِيعِ الْحَرَمُ.

وَأَمَّا جَزَاءُ الصَّيْدِ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فَقَالَ: أَمَّا مَا كَانَ بِمَكَّةَ، أَوْ كَانَ مِنْ الصَّيْدِ، فَكُلٌّ بِمَكَّةَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥]، وَمَا كَانَ مِنْ فِدْيَةِ الرَّأْسِ فَحَيْثُ حَلَقَهُ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي قَتْلِ الصَّيْدِ رِوَايَةً أُخْرَى، أَنَّهُ يَفْدِي حَيْثُ قَتَلَهُ.

وَهَذَا يُخَالِفُ نَصَّ الْكِتَابِ، وَنَصَّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَلْقِ الرَّأْسِ، فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَمَا وَجَبَ لِتَرْكِ نُسُكٍ أَوْ فَوَاتٍ، فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ دُونَ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ هَدْيٌ وَجَبَ لِتَرْكِ نُسُكٍ، فَأَشْبَهَ هَدْيَ الْقُرْآنِ.

وَإِنْ فَعَلَ الْمَحْظُورَ لِغَيْرِ سَبَبٍ يُبِيحُهُ، فَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ يَخْتَصُّ ذَبْحُهُ وَتَفْرِقَةُ لَحْمِهِ بِالْحَرَمِ، كَسَائِرِ الْهَدْيِ.

ثم قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَمَا وَجَبَ نَحْرُهُ بِالْحَرَمِ، وَجَبَ تَفْرِقَةُ لَحْمِهِ بِهِ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: إذَا ذَبَحَهَا فِي الْحَرَمِ، جَازَ تَفْرِقَةُ لَحْمِهَا فِي الْحِلِّ.

وَلَنَا: أَنَّهُ أَحَدُ مَقْصُودَيْ النُّسُكِ، فَلَمْ يَجُزْ فِي الْحِلِّ، كَالذَّبْحِ، وَلِأَنَّ الْمَعْقُولَ

<<  <  ج: ص:  >  >>