ومنهم من قال:«اشترطي لهم الولاء» بمعنى: (عليهم الولاء) واللام بمعنى (على) كقوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}[الإسراء:٧].
وهذا قال به المزني، والشافعي، والخطابي، وضعَّف ذلك ابن خزيمة، والنووي، وابن دقيق العيد؛ لأنهم أبوا أن يجعلوا لها الولاء، فكيف يأمرها أن تشترط عليهم شيئًا قد اشترطوا خلافه؛ ففي ذلك تكرار لا فائدة فيه.
ومنهم من قال: الأمر في قوله: «اشترطي» للإباحة؛ لينبه على أنه لا ينفعهم، فوجوده وعدمه سواء، وكأنه يقول:(اشترطي، أو لا تشترطي، فذلك لا يفيدهم)، ويقوي ذلك رواية في «البخاري»: «اشتريها ودعيهم يشترطوا ما شاءوا». (١)
وقيل: كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أعلم الناس بأنَّ الولاء باطل، فلما فعلوا ذلك أطلق الأمر مريدًا به التهديد، والزجر، والتوبيخ، والمقصود به الإهانة وعدم المبالاة بالاشتراط، وأن وجوده كعدمه.
وقال النووي -رحمه الله-: أقوى الأجوبة أنَّ هذا الحكم خاصٌّ بعائشة في هذه القضية، وأنَّ سببه المبالغة في الرجوع عن هذا الشرط؛ لمخالفته حكم الشرع. اهـ
وهذا القول اختاره الشيخ ابن عثيمين في «شرح البلوغ»(٣/ ٥٠٦)، قال: ونُجيب على قولهم: (إنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام لا يأذن بشيء مخالفٍ للشرع) نجيب عنه بأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأذن بذلك لينفذه، ولو أذن ونفذ لكان