للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٤ - وَعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: «لَا إنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ: فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُك فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (١)

وَلِلْبُخَارِيِّ: «ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» وَأَشَارَ مُسْلِمٌ إلَى أَنَّهُ حَذَفَهَا عَمْدًا. (٢)


(١) أخرجه البخاري (٢٨٨)، ومسلم (٣٣٣).
(٢) أخرجه البخاري (٢٨٨)، من طريق: أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، فذكر الحديث المتقدم. قال هشام: قال أبي: ثم توضئي لكل صلاة، حتى يجيء ذلك الوقت. وهذه الزيادة الظاهر أنها من كلام عروة بن الزبير، ومما يدل على ذلك أنَّ الحديث قد رواه جمعٌ عن أبي معاوية بدون هذه الزيادة، منهم: يحيى بن يحيى عند مسلم (٣٣٣)، وإسحاق بن إبراهيم عند النسائي (٣٥٩)، ويعقوب بن إبراهيم عند الدارقطني (١/ ٢٠٦).
قال البيهقي (١/ ٣٢٧): وقد روي فيه زيادة: (الوضوء لكل صلاة)، وليست بمحفوظة، يعني من قول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
وقال ابن رجب في «فتح الباري» (٢/ ٧٢): والصواب أنَّ لفظة: (الوضوء) مدرجة في الحديث، من قول عروة، فقد روى مالك عن هشام عن أبيه، أنه قال: ليس على المستحاضة إلا أن تغتسل غسلًا واحدًا، ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة. انتهى.
وقد ذكر زيادة: «الوضوء لكل صلاة» جماعة وهم:
حماد بن زيد عند النسائي (١/ ١٨٥ - ١٨٦)، وليس فيه: «لكل صلاة»، قال النسائي: قد روى هذا الحديث غير واحد عن هشام بن عروة، ولم يذكر فيه: «وتوضئي» غير حماد، وقال الإمام مسلم: وفي حديث حماد بن زيد حرفٌ تركناه. اهـ وهذا معنى قول الحافظ: وأشار مسلم إلى أنه تركها عمدًا.

أبو حمزة محمد بن ميمون عند ابن حبان (١٣٥٤)، ولكن رواه البيهقي من طريقه (١/ ٥٤٤)، بدون هذه الزيادة.
أبو حنيفة عند الطحاوي (١/ ١٠٢)، ولكن رواه ابن عبد البر في «التمهيد» (٢٢/ ١٠٣) من طريقه بدون هذه الزيادة.
الحجاج بن أرطاة عند الطبراني (٢٤/ ٨٩٧).
أبو عوانة عند ابن حبان (١٣٥٥).
محمد بن عجلان عند البيهقي (١/ ٣٤٤)، وهذان الأخيران والأول أقوى من زاد هذه الزيادة.
ولكن قد خالفهم جمعٌ كبير من الثقات، والأئمة، وهم ثمانية عشر رجلًا، فرووه بدون هذه الزيادة، وهم: مالك بن أنس في «الموطأ» (١/ ٦١)، والبخاري (٣٠٦)، ووكيع بن الجراح عند أحمد (٦/ ١٩٤)، ومسلم (٣٣٢)، ويحيى بن سعيد القطان عند أحمد (٦/ ١٩٤)، ومعمر بن راشد عند عبدالرزاق (١١٦٥)، وزهير بن معاوية عند البخاري (٣٣١)، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي عند مسلم (٣٣٣)، وجعفر بن عون عند الدارمي (٧٨٠)، وأبي عوانة (١/ ٣١٩)، وجرير بن عبد الحميد عند مسلم (٣٣٣)، وعبد الله بن نمير عند مسلم (٣٣٣)، وسفيان بن عيينة عند البخاري (٣٢٠)، والليث بن سعد عند أبي عوانة (١/ ٣١٩)، وعمرو بن الحارث عند أبي عوانة (١/ ٣١٩)، وسعيد بن عبدالرحمن الجمحي عند أبي عوانة (١/ ٣١٩)، وأبو أسامة حماد بن أسامة عند البخاري (٣٢٥)، وأيوب السَّخْتِياني عند أبي عوانة (١/ ٣١٩)، وعبدة بن سليمان عند النسائي (١/ ١٢٢)، وخالد بن الحارث عند النسائي (١/ ١٢٤)، وعبد الله بن المبارك عند النسائي (١/ ١٨٦).
فهذا العدد الكبير من الثقات والأئمة يروون الحديث عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة بدون هذه الزيادة، فهذا يدل على أنها ليست محفوظة عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وإنما هي من قول عروة موقوفًا عليه، فأدرجت في المرفوع فرواها بعض الثقات، والضعفاء على ذلك ظانين أنها من المرفوع، والله أعلم.
ويزداد ما قررناه بيانًا إذا علمنا أنَّ هشامًا قد تابعه الزهري عند مسلم (٣٣٤)، وغيره، فرواه عن عروة بن الزبير أيضًا بدون ذكر هذه الزيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>