للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَعْدَ التَّفَرُّقِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا فِي اِنْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِفَسْخِ أَحَدهمَا.

قال: وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيث مَالِك «إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ»، فَقَالَ الْجُمْهُور -وَبِهِ جَزَمَ الشَّافِعِيُّ-: هُوَ اِسْتِثْنَاءٌ مِنْ اِمْتِدَادِ الْخِيَارِ إِلَى التَّفَرُّق، وَالْمُرَاد أَنَّهُمَا إِنْ اِخْتَارَا إِمْضَاءَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ؛ لَزِمَ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ، وَبَطَلَ اِعْتِبَار التَّفَرُّق، فَالتَّقْدِير: (إِلَّا الْبَيْع الَّذِي جَرَى فِيهِ التَّخَايُر). قَالَ النَّوَوِيُّ: اِتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى تَرْجِيح هَذَا التَّأْوِيل، وَأَبْطَلَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مَا سِوَاهُ، وَغَلَّطُوا قَائِلَهُ. اِنْتَهَى.

قال الحافظ: وَرِوَايَة اللَّيْث ظَاهِرَةٌ جِدًّا فِي تَرْجِيحِهِ. اهـ

قلتُ: وهي رواية الحديث الذي في الباب.

قال الحافظ: وَقِيلَ: هُوَ اِسْتِثْنَاءٌ مِنْ اِنْقِطَاعِ الْخِيَارِ بِالتَّفَرُّقِ، وَقِيلَ: الْمُرَاد بِقَوْلِهِ: «أَوْ يُخَيَّرُ أَحَدهمَا الْآخَر»، أَيْ: فَيَشْتَرِط الْخِيَار مُدَّةً مُعَيَّنَةً، فَلَا يَنْقَضِي الْخِيَار بِالتَّفَرُّقِ، بَلْ يَبْقَى حَتَّى تَمْضِيَ الْمُدَّةُ. حَكَاهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، وَرَجَّحَ الْأَوَّل بِأَنَّهُ أَقَلُّ فِي الْإِضْمَارِ، وَتُعَيِّنُهُ رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ (١) مِنْ طَرِيق إِسْمَاعِيل -قِيلَ: هُوَ اِبْن أُمِّيَّةَ، وَقِيلَ غَيْره- عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ: إِلَّا أَنْ يَكُون الْبَيْع كَانَ عَنْ خِيَار؛ فَإِنْ كَانَ الْبَيْع عَنْ خِيَار وَجَبَ الْبَيْع. انتهى المراد من كلام الحافظ -رحمه الله-.

قلتُ: والصواب هو تأويل الجمهور؛ لصراحة حديث الباب في ذلك.


(١) في «السنن» (٧/ ٢٤٨) بإسناد صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>