للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَلَنَا أَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ عَنْهُ، فَلَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِقَوْلِ الله تَعَالَى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: ٦ - ٧ /المعارج:٣٠ - ٣١]، وَلِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْوَطْءِ يَقَعُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ؛ فَيَكُونُ حَرَامًا، وَلَوْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ قَبْلَ وَطْئِهِ؛ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَلَا يَلْزَمُهُ حَدٌّ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ، وَأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ زَالَ، وَلَا يَنْفَسِخُ بِالْوَطْءِ؛ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ. وَذَكَرَ أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ لَمْ يُصَادِفْ مِلْكًا وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَلَنَا أَنَّ مِلْكَهُ يَحْصُلُ بِابْتِدَاءِ وَطْئِهِ، فَيَحْصُلُ تَمَامُ الْوَطْءِ فِي مِلْكِهِ، مَعَ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي كَوْنِ الْمِلْكِ لَهُ، وَحِلَّ الْوَطْءُ لَهُ، وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الشُّبُهَاتِ، فَكَيْفَ إذَا اجْتَمَعَتْ، مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَحْصُلَ الْفَسْخُ بِالْمُلَامَسَةِ قَبْلَ الْوَطْءِ، فَيَكُونُ الْمِلْكُ قَدْ رَجَعَ إلَيْهِ قَبْلَ وَطْئِهِ، وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ فِي الْمُشْتَرِي: إنَّهَا قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حِينَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فِيمَا إذَا مَشَطَهَا، أَوْ خَضَّبَهَا، أَوْ حَفَّهَا، فَبِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا لِلْجِمَاعِ وَلَمْسِ فَرْجِهَا بِفَرْجِهِ أَوْلَى. فَعَلَى هَذَا يَكُونُ وَلَدُهُ مِنْهَا حُرًّا، وَنَسَبُهُ لَاحِقٌ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ، وَتَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدِهِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ فَوَلَدُهُ رَقِيقٌ، وَلَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ؛ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَحِقَهُ النَّسَبُ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْوِلَادَةِ، وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَلَا تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ. اهـ

قلتُ: وما رجحه ابن قدامة -رحمه الله- هو الصحيح في هذه المسألة؛ إلا قوله المتقدم:

<<  <  ج: ص:  >  >>