للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• ومنع من ذلك بعض الحنابلة فقالوا: لا يُباع المكيل بالمكيل جزافًا، ولا الموزون بالموزون جزافًا؛ لحديث: «نهى عن بيع الطعام بالطعام مجازفة»، ولأنه بيع مكيل بمكيل أشبه الجنس الواحد.

• وذهب مالك إلى منع بيع الدنانير بالدراهم مجازفة، وأجازه في التبر والحلي. قال ابن عبد البر -رحمه الله-: أجاز أكثر العلماء بيع الذهب بالورق جزافًا، عينًا كان ذلك أو تبرًا، دراهم كانت أو دنانير، والمصُوغ وغيره في ذلك سواء؛ لأنَّ التفاضل بينهما حلال جائز، وإذا جاز الدينار بأضعافه دراهم؛ جاز الجزاف في ذلك يدًا بيد، كما يجوز القصد إلى المفاضلة بينهما يدًا بيد، وإلى هذا ذهب الشافعي، وأبو حنيفة وأصحابهما، وداود، ولم يجعلوه قِمارًا ولا غررًا. اهـ

قلتُ: وأما حديث: «نهى عن بيع الطعام بالطعام مجازفة» فلم يوجد، وقد أخرجه عبد الرزاق (٨/ ١٣١)، عن الأوزاعي، عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بلفظ: «لا يحل للرجل أن يبيع طعامًا جزافًا قد علم كيله حتى يعلم صاحبه»، وهو مُعضلٌ، والحديث على صحته مُبَيَّنٌ بحديث جابر الذي في الباب، وأما قياسهم فغير صحيح؛ لأنَّ الجنس الواحد يُشترط فيه التماثل، فلذلك لا تجوز فيه المجازفة بخلاف ما إذا اختلف الجنس؛ فإنه لا يُشترط فيه التماثل، ولكن ما يتعلق ببيع الذهب بالفضة جُزَافًا فهو محرم؛ لإنه يدخل في الغرر؛ لعدم معرفة قدر السلعة بالحرز؛ ولأن التفاوت اليسير فيها يعتبر تفاوتًا كبيرًا، والله أعلم. (١)


(١) انظر: «المغني» (٦/ ٧١)، «الاستذكار» (١٩/ ٢٢٦)، «الأوسط» (١٠/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>