للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلا أنَّ مالكًا، وأحمد في رواية جعلوا الضمان على المشتري فيما دون الثلث؛ لأنه لابد من أن يأكل الطير منها، وتنثر الريح، ويسقط منها، فلم يكن بُدٌّ من ضابط، والثلث قد اعتبره الشرع في مواضع؛ ولأنَّ الثلث في حد الكثرة لقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «الثلث والثلث كثير».

• وذهب الشافعي في الجديد -وهو الأصح عند الشافعية، وهو مذهب الحنفية، والظاهرية- إلى أنَّ الضمان على المشتري وليس من ضمان البائع في القليل والكثير، ورجَّح هذا القول الشوكاني في «السيل»، واستدلوا على ذلك بحديث أبي سعيد الخدري في «صحيح مسلم» (١٥٥٦)، قال: أُصيب رجلٌ في عهد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في ثمارٍ ابتاعها، فكثر دينه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «تصدقوا عليه»، فتصدقوا، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لغرمائه: «خذوا ما وجدتم، وليس لكم إلا ذلك»، قالوا: فلو كانت الجوائح تُوضع؛ لَمَا احتاج النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إلى ذلك، بل يقول له: ليس عليك بأس، إنما الضمان على غيرك.

واستدلوا بأن المشتري قد قبضها بالتخلية، فصارت من ضمانه. وأجابوا عن حديث جابر بأنَّ الأمر بوضع الجوائح على الاستحباب، أو بما إذا اشتراها قبل بدو صلاحها، وأيدوا ذلك بسياق حديث أنس: نهى عن بيع النخل حتى تزهى، ثم قال: «أرأيت إذا منع الله الثمرة ... » الحديث.

وأجاب أصحاب القول الأول عن حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- بأنها واقعة عين يحتمل فيها أنها تلفت بعد أوان الجذاذ بتفريط من المشتري بتركها على الشجرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>