للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رهن، وهو مذهب الحنابلة، وقال الشافعي: لا يزول الضمان، ويثبت فيه حكم الرهن، والحكم الذي كان ثابتًا فيه يبقى بحاله؛ لأنه لا تنافي بينهما؛ بدليل أنه لو تعدى في الرهن؛ صار ضامنًا ضمان غصب، وهو رهن كما كان، فكذلك ابتداؤه؛ لأنه أحد حالتي الرهن.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٦/ ٤٥٣): وَلَنَا أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي إمْسَاكِهِ رَهْنًا لَمْ يَتَجَدَّدْ مِنْهُ فِيهِ عُدْوَانٌ؛ فَلَمْ يَضْمَنْهُ، كَمَا لَوْ قَبَضَهُ مِنْهُ ثُمَّ أَقْبِضهُ إيَّاهُ، أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ ضَمَانِهِ.

وَقَوْلُهُمْ: (لَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا) مَمْنُوعٌ؛ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَدُهُ عَادِيَةٌ يَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَتُهَا، وَيَدُ الْمُرْتَهِنِ مُحِقَّةٌ جَعَلَهَا الشَّرْعُ لَهُ، وَيَدُ الْمُرْتَهِنِ يَدُ أَمَانَةٍ، وَيَدُ الْغَاصِبِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَنَحْوِهِمَا يَدٌ ضَامِنَةٌ، وَهَذَانِ مُتَنَافِيَانِ، وَلِأَنَّ السَّبَبَ الْمُقْتَضِيَ لِلضَّمَانِ زَالَ، فَزَالَ الضَّمَانُ لِزَوَالِهِ، كَمَا لَوْ رَدَّهُ إلَى مَالِكِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ الْغَصْبُ وَالْعَارِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا، وَهَذَا لَمْ يَبْقَ غَاصِبًا وَلَا مُسْتَعِيرًا، وَلَا يَبْقَى الْحُكْمُ مَعَ زَوَالِ سَبَبِهِ وَحُدُوثِ سَبَبٍ يُخَالِفُ حُكْمُهُ حُكْمَهُ، وَأَمَّا إذَا تَعَدَّى فِي الرَّهْنِ؛ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ؛ لِعُدْوَانِهِ، لَا لِكَوْنِهِ غَاصِبًا، وَلَا مُسْتَعِيرًا، وَهَا هُنَا قَدْ زَالَ سَبَبُ الضَّمَانِ، وَلَمْ يَحْدُثْ مَا يُوجِبهُ؛ فَلَمْ يَثْبُتْ. اهـ

والصحيح قول الجمهور، وسيأتي الكلام على مسألة ضمان المستعير إن شاء الله تعالى تحت حديث (٨٨٠). (١)


(١) وانظر: «بداية المجتهد» (٤/ ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>