قلتُ: وكذلك فإنَّ حديث الأمر بالوضوء من أكل لحوم الإبل، جاء بعد نسخ الأمر بالوضوء مما مست النار، ويدل على ذلك حديث الباب؛ فإنَّ قوله في لحوم الغنم:«إن شئت» يدلُّ على تأخر هذا الحديث، وأنَّ هذا السؤال وقع بعد نسخ الأمر بالوضوء مما مست النار، وكذلك فإنَّ الأمر بالوضوء من لحوم الإبل ليس لكونه مما مسته النار، ولكن العلة تعبدية مَحْضَةٌ، والله أعلم.
ولذلك فالقول الأول هو الراجح وقد رجَّحه جمعٌ كبير من العلماء، والمحدثين، قال الخطابي: ذهب إلى هذا عامة أصحاب الحديث. وقال ابن خزيمة: لم نرَ خلافًا بين علماء الحديث. وقال الشافعي: إن صحَّ الحديث في لحوم الإبل قلتُ به.
قال البيهقي -رحمه الله-: قد صحَّ فيه حديثان.
وقال النووي -رحمه الله- في «المجموع»: القول القديم أنه ينقض، وهو الأقوى من حيث الدليل، وهو الذي اعتقدُ رجحانه.
وقد رجَّحَ هذا القول البيهقي، والنووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والشوكاني، والألباني، وابن باز، والوادعي، والشيخ ابن عثيمين، وغيرهم من أهل العلم، رحمة الله عليهم أجمعين. (١)