للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يجد له مالًا ظاهرًا، فادَّعى الإعسار، فصدقه غريمه؛ لم يحبس، ووجب إنظاره، ولم تجز ملازمته؛ لما تقدم ذكره من الأدلة قريبًا.

وإنْ كذَّبه غريمه؛ فلا يخلو من أحد حالين:

الحال الأولى: أن يكون عُرِفَ له مال؛ لكون الدين ثبت له عن معاوضة كالبيع، أو عرف له أصل مال سوى هذا؛ فإن كان الأمر كذلك وحلف الغريم أنَّ معه مالًا؛ حبسه الحاكم عند أكثر أهل العلم حتى تشهد البينة بإعساره؛ فإن شهدت البينة بتلف ماله؛ قُبِلت شهادتهم، سواء كانوا من أهل الخبرة الباطنة، أم لا؛ لأنَّ التلف يطلع عليه أهل الخبرة وغيرهم، وليس للغريم أن يطالبه باليمين على تلفه اكتفاء بالبينة، وله أن يطالبه باليمين على عسرته، وأنه ليس له مال آخر؛ لأنَّ ذلك غير ما شهدت به البينة.

وإن شهدت البينة بالإعسار؛ قُبِلت الشهادة عند أحمد، والشافعي وغيرهما، إذا كانت الشهادة من أهل الخبرة الباطنة، وقال مالك: لا تُسْمَع البينة على الإعسار؛ لأنها شهادة على النفي، فلا تسمع كالشهادة على أنه لا دين عليه.

واستدل أحمد، والشافعي بحديث قبيصة بن المخارق، وفيه: «حتى يقول ثلاثة من ذوي الحِجَا من قومه لقد أصابت فلانًا فاقة ... » (١) الحديث، والشهادة على النفي لا ترد مطلقًا؛ فإنه لو شهدت البينة أنَّ هذا وارث الميت لا وراث له سواه؛ قُبِلت، ولأنَّ هذه وإن كانت تتضمن النفي؛ فهي تثبت حالة تظهر، ويوقف


(١) سيأتي برقم (٨٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>