واستدلوا بحديث أنس في «سنن أبي داود»(٣٥٠١): أنَّ بعض الصحابة سألوا النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن يحجر على رجل؛ لكونه يخدع في البيوع، فمنعه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فشكا إليه أنه لا يقدر على ترك ذلك، فرخَّص له أن يقول:«لا خلابة» وإسناده حسن، والشاهد من الحديث أنهم سألوا الحجر عليه، ولو كان لا يصح الحجر على مثله؛ لقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إنه حرٌّ عاقلٌ فلا يحجر عليه.
واستدلوا على ذلك بأثر عن علي، وعثمان -رضي الله عنهما- أنهما أرادا أن يحجرا على عبد الله بن جعفر كما في «الأوسط»(١٠/ ١١)، و «سنن البيهقي»(٦/ ٦١) في قصةٍ لها طرق في كل طريق منها ضعفٌ، واختلاف في الألفاظ، ومجموعها تدل على أن للقصة أصلًا.
واستدلوا بقول ابن الزبير كما في «صحيح البخاري»(٦٠٧٣): أنه قال في بيعٍ، أو عطاءٍ أعطته عائشة: لتنتهين عائشة، أو لأحجرنَّ عليها. وشاهدنا من ذلك ذكر الحجر، فقد كان معروفًا عند الصحابة؛ مع أنَّ عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- قد أساء مع أم المؤمنين بهذا الكلام ثم إنه اعتذر إليها من كلامه ذلك -رضي الله عنهما-.
• وذهب بعضهم إلى أنه لا يحجر عليه؛ لكونه حرًّا، عاقلًا، بالغًا، ليس بصبي ولا مجنون، وهذا قول ابن سيرين، والنخعي، وأبي حنيفة، وتولى ابن حزم نصرة هذا القول في «المحلى».
والصحيح القول الأول؛ لما تقدم ذكره من الأدلة، وهو ترجيح الشوكاني -رحمه الله-، وممن قال به أحمد، ومالك، وإسحاق، والأوزاعي، والشافعي، وأبو عبيد،