فأشبه ما لو حال بينه وبين متاعه، فتلف المتاع، والغصب عندهم إثبات اليد على المال عدوانًا على وجه تزول به يد المالك، ولا يمكن ذلك في العقار.
وأجاب الجمهور: بأنَّ قياسهم مصادمٌ للنص الصريح الذي في الباب، فقياسهم فاسد الاعتبار، ولأنه يمكن الاستيلاء عليه على وجهٍ يحول بينه وبين المالك، مثل أن يسكن الدار ويمنع مالكها من دخولها، فأشبه ما لو أخذ الدابة والمتاع، وأما إذا حال بينه وبين متاعه؛ فإنه لم يستول على ماله، فنظيره هنا أن يحبس المالك، ولا يستولي على داره.
وقد أنكر أهل العلم على أبي حنيفة قوله هذا الذي يُجَرِّئُ الظالمين على غصب أموال الناس، حتى قال ابن حزم -رحمه الله- في «المحلى»: وما نعلم لإبليس داعية في الإسلام أكثر ممن يطلق الظَّلَمَة على غصب دور الناس، وأراضيهم، ثم يبيح لهم كراءها، وغلَّتها، ولا يرى عليهم ضمان ما تلف منها، نعوذ بالله من مثل هذا. (١)