يَعْلَم؛ نَظَرْتَ فِيمَا ضَمِنَ؛ فَإِنْ الْتَزَمَ ضَمَانَهُ بِالْعَقْدِ كَبَدَلِ الْعَيْنِ-قلت: يعني: إذا تلفت- وَمَا نَقَصَ مِنْهَا؛ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمْ يَغُرَّهُ، بَلْ دَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُوجِبُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا زَادَ عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ إذَا ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ ضَمَانَهُ بِالثَّمَنِ لَا بِالْقِيمَةِ، فَإِذَا ضَمَّنَهُ إيَّاهُ بِقِيمَتِهِ؛ رَجَعَ بِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ. قَالُوا: وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْ ضَمَانَهُ نَظَرْتَ؛ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ فِي مُقَابَلَتِهِ مَنْفَعَةٌ، كَقِيمَةِ الْوَلَدِ، وَنُقْصَانِ الْجَارِيَةِ بِالْوِلَادَةِ؛ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَدَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ، وَإِنْ حَصَلَتْ لَهُ بِهِ فِي مُقَابَلَتِهِ مَنْفَعَةٌ، كَالْأُجْرَةِ، وَالْمَهْرِ، وَأَرْشِ الْبَكَارَةِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَلَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ.
وَالثَّانِي: لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ فِي مُقَابَلَتِهِ مَنْفَعَةٌ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ أَيْضًا يُوجِبُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَرْجِعَ بِالتَّفَاوُتِ الَّذِي بَيْنَ الْمُسَمَّى، وَمَهْرِ الْمِثْلِ، وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ اللَّذَيْنِ ضَمِنَهُمَا؛ فَإِنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى الضَّمَانِ بِالْمُسَمَّى، لَا بِعِوَضِ الْمِثْلِ، وَالْمَنْفَعَةُ الَّتِي حَصَلَتْ لَهُ إنَّمَا هِيَ بِمَا الْتَزَمَهُ مِنْ الْمُسَمَّى، وَمَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ نَحْوُ ذَلِكَ.
وَعَقْدُ الْبَابِ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ يَرْجِعُ إذَا غَرَّهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا لَمْ يَلْتَزِمْ ضَمَانَهُ خَاصَّةً، فَإِذَا غَرِمَ وَهُوَ مُودَعٌ أَوْ مُتَّهَبٌ قِيمَةَ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ؛ رَجَعَ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ ضَمَانًا، وَإِنْ ضَمِنَ وَهُوَ مُسْتَأْجِرٌ قِيمَةَ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ؛ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَيْنِ، وَالْقَدْرِ الزَّائِدِ عَلَى مَا بَذَلَهُ مِنْ عِوَضِ الْمَنْفَعَةِ. وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَهُ مِنْ عِوَضِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ضَمَانِهِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: نَعَمْ، دَخَلَ عَلَى ضَمَانِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute