تَقْدِيرُ نَصِيبِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِالشَّرْطِ، فَلَمْ يُقَدَّرْ إلَّا بِهِ. وَلَوْ قَالَ: خُذْ هَذَا الْمَالَ مُضَارَبَةً. وَلَمْ يُسَمِّ لِلْعَامِلِ شَيْئًا مِنْ الرِّبْحِ، فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ، وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَإِسْحَاقَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَالْأَوْزَاعِيُّ: الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ كَمَا لَوْ قَالَ: وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا. وَأُجِيْبَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الصُّوْرَتَيْنِ، فَمَسْأَلَةُ الْبَابِ لَم يُحَدَّدْ الرِّبْح؛ فَصَارَ مَجهولًا، فَلَا تَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: (الرِّبْحُ بَيْنَنَا)؛ فَهُوَ إِضَافَةٌ إلَيْهِمَا إضَافَةً وَاحِدَةً، لَمْ يَتَرَجَّحْ فِيهَا أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، فَاقْتَضَى التَّسْوِيَةَ. انتهى بتصرف.
وقال ابن القيم -رحمه الله- في «أعلام الموقعين» (١/ ٣٨٦ - ٣٨٧): الصَّوَابُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ بِرِبْحِ الْمِثْلِ، فَيُعْطَى الْعَامِلُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُعْطَاهُ مِثْلُهُ، إمَّا نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ. فَأَمَّا أَنْ يُعْطَى شَيْئًا مُقَدَّرًا مَضْمُونًا فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ كَمَا يُعْطَى فِي الْإِجَارَةِ وَالْجَعَالَةِ؛ فَهَذَا غَلَطٌ مِمَّنْ قَالَهُ، وَسَبَبُ غَلَطِهِ ظَنُّهُ أَنَّ هَذِهِ إجَارَةٌ، فَأَعْطَاهُ فِي فَاسِدِهَا عِوَضَ الْمِثْلِ كَمَا يُعْطِيهِ فِي الصَّحِيحِ الْمُسَمَّى، وَمِمَّا يُبَيِّنُ غَلَطَ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الْعَامِلَ قَدْ يَعْمَلُ عَشْرَ سِنِينَ أَوْ أَكْثَرَ، فَلَوْ أُعْطِيَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ؛ أُعْطِيَ أَضْعَافَ رَأْسِ الْمَالِ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَةِ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ إنْ كَانَ هُنَاكَ رِبْحٌ، فَكَيْفَ يَسْتَحِقُّ فِي الْفَاسِدَةِ أَضْعَافَ مَا يَسْتَحِقُّهُ فِي الصَّحِيحَةِ. اهـ
وهذا الذي قرره ابن القيم قال به مالك في رواية، واختاره الشيخ ابن عثيمين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute