المبين المتفق عليه لفظًا وحكمًا. قال الليث بن سعد: الذي نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر إذا نظر إليه ذو البصيرة بالحلال والحرام علم أنه لا يجوز. وقال ابن المنذر: قد جاءت الأخبار عن رافع بعلل تدل على أنَّ النهي كان لتلك العلل، فلا تعارض إذن بين حديث رافع، وأحاديث الجواز بوجه.
الخامس: أنه لو قدر معارضة حديث رافع لأحاديث الجواز، وامتنع الجمع بينهما؛ لكان منسوخًا قطعًا بلا ريب؛ لأنه لابد من نسخ أحد الخبرين، ويستحيل نسخ أحاديث الجواز؛ لاستمرار العمل بها من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن تُوفِّي، واستمر عمل الخلفاء الراشدين بها، وهذا أمر معلوم عند من له خبرة بالنقل.
السادس: أنَّ الذي في حديث رافع إنما هو النهي عن كرائها بالثلث والربع، لا عن المزارعة، وليس هذا بمخالف لجواز المزراعة؛ فإنَّ الإجارة شيءٌ والمزارعة شيء.
السابع: أنَّ ما في المزارعة من الحاجة إليها والمصلحة، وقيام أمر الناس عليها يمنع من تحريمها والنهي عنها؛ لأنَّ ما كان كذلك؛ فإنَّ الشارع لا يحرمه، ولا ينهى عنه؛ لعموم مصلحته، وشدة الحاجة إليه، كما في المضاربة، والمساقاة، بل الحاجة في المزارعة آكد منها في المضاربة؛ لشدة الحاجة إلى الزرع، والأرض لا ينتفع بها إلا بالعمل بها بخلاف المال.
قال: وكذلك الجواب عن حديث جابر سواء، وقد تقدم في بعض طرقه أنهم