للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: تحريم ذلك في الصَّحاري دون البنيان، وهو قول مالك، والشافعي، وإسحاق، وأحمد في رواية، وهو قول البخاري، ونسبه الحافظ في «الفتح» إلى الجمهور، وقال: هو أعدل الأقوال، ورجَّحه ابن المنذر، وابن عبد البر، والخطابي، والصنعاني، والوادعي، رحمة الله عليهم، واستدلوا على جوازه بالبنيان بحديث عبد الله بن عمر في «الصحيحين» (١)، قال: ارتقيت يومًا على ظهر بيت حفصة، فرأيت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقضي حاجته مستقبل الشام، مستدبر الكعبة.

الثالث: الجواز في الصَّحاري، والبنيان، وهو قول عروة بن الزبير، وربيعة، وداود الظاهري، واستدل لهم بحديث جابر في «مسند أحمد» (٣/ ٣٦٠)، وغيره، وهو في «الصحيح المسند» قال: نهى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يُقبض بعامٍ يستقبلها. فهذا الحديث يعتبر ناسخًا لتأخره.

وأُجِيب: بعدم التسليم في تأخره على الأحاديث الأخرى المانعة، ولو سلم؛ فالجمع بين الدليلين مقَدَّمٌ على النسخ.

الرابع: يُكْرَه في الصَّحاري، والبنيان، وهو مَحْكِيٌّ عن النخعي، ورواية عن أبي حنيفة، وعن أحمد، وأبي ثور، وهؤلاء جمعوا بين الأحاديث المتقدمة بأنَّ النهي في حديث أبي أيوب، وسلمان يُحمل على الكراهة، والتنزيه، والصارف هو فعل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في حديث ابن عمر، وجابر، وحديث جابر الظاهر فيه أنه لم يكن في بنيان، وهذا القول هو الراجح والله أعلم. (٢)


(١) أخرجه البخاري برقم (١٤٨)، ومسلم برقم (٢٦٦) (٦٢).
(٢) وانظر: «نيل الأوطار» (١/ ١٣١)، «الفتح» (١٤٤)، «المجموع» (٢/ ٨١)، «السبل» (١/ ١٦٣ - ١٦٤)، «المغني» (١/ ٢٢٠ - ).

<<  <  ج: ص:  >  >>