قلتُ: وهذا الراجح عند الشافعية هو قول أحمد، ومالك، وأبي حنيفة، واستدلوا على ترجيحه بأنَّ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- صح عنه أنه حَمَى الربذة كما في «مصنف ابن أبي شيبة»(٧/ ٧٦٧)، و «الأموال»(ص ٣٠٦) لأبي عبيد، وأصله في «البخاري»(٢٣٧٠) بسند منقطع، وجاء عن عثمان أيضًا كما في «سنن البيهقي»(٦/ ١٤٧)، وفي إسناده: أبو سعيد مولى أسيد، مجهول، تفرد بالرواية عنه أبو نضرة، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: واشتهر ذلك في الصحابة، فلم ينكر عليهما؛ فكان إجماعًا. اهـ
قال البيهقي -رحمه الله- عقب أثر عمر، وعثمان -رضي الله عنهما-: هذا الأثر يدل على أنَّ غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس له أن يحمي لنفسه، وفيه وفيما قبله دلالة على أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا حمى إلا لله ولرسوله» أراد به أن لا حمى إلا على مثل ما حمى عليه رسوله في صلاح المسلمين، والله أعلم. اهـ
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: ومحل الجواز مطلقًا أن لا يضر بكافة المسلمين. اهـ
فائدة: اشتهر أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حمى النقيع، وهو عند البخاري (٢٣٧٠)، عن الزهري بلاغًا، وأخرجه أحمد (٢/ ٩١، ١٥٥)، والبيهقي (٦/ ١٤٦)، وأبوعبيد رقم (٧٤٠) موصولًا عن ابن عمر بإسناد فيه عبد الله العمري، وهو ضعيفٌ.