للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعني مع مذهبهم.

قال: ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مِمَّا يَفْتَقِرُ إلَى قَبْضٍ؛ اُكْتُفِيَ بِقَوْلِهِ: (قَدْ وَهَبْت هَذَا لِابْنِي، وَقَبَضْته لَهُ)؛ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْ الْقَبُولِ كَمَا ذَكَرْنَا. وَلَا يُغْنِي قَوْلُهُ: (قَدْ قَبِلْته)؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ لَا يُغْنِي عَنْ الْقَبْضِ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَفْتَقِرُ اُكْتُفِيَ بِقَوْلِهِ: قَدْ وَهَبْت هَذَا لِابْنِي. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ هِبَةَ الْأَبِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي حِجْرِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ، وَأَنَّ الْإِشْهَادَ فِيهَا يُغْنِي عَنْ الْقَبْضِ، وَإِنْ وَلِيَهَا أَبُوهُ؛ لِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ: مَنْ نَحَلَ وَلَدًا لَهُ صَغِيرًا، لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَحُوزَ نِحْلَةً، فَأَعْلَنَ ذَلِكَ، وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ، فَهِيَ جَائِزَةٌ، وَإِنْ وَلِيَهَا أَبُوهُ. (١)

قال: وَقَالَ الْقَاضِي: لَا بُدَّ فِي هِبَةِ الْوَلَدِ مِنْ أَنْ يَقُولَ: قَدْ قَبِلْته. وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ عِنْدَهُمْ لَا تَصِحُّ إلَّا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ.

قال: وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ أَنَّ قَرَائِنَ الْأَحْوَالِ وَدَلَالَتَهَا تُغْنِي عَنْ لَفْظِ الْقَبُولِ، وَلَا أَدَلَّ عَلَى الْقَبُولِ مِنْ كَوْنِ الْقَابِلِ هُوَ الْوَاهِبُ، فَاعْتِبَارُ لَفْظٍ لَا يُفِيدُ مَعْنًى مِنْ غَيْرِ وُرُودِ الشَّرْعِ بِهِ تَحَكُّمٌ لَا مَعْنَى لَهُ، مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِظَاهِرِ حَالِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَحَابَتِهِ. اهـ


(١) أخرجه البيهقي (٦/ ١٧٠)، من طريق: مالك، ويونس بن يزيد، وسفيان بن عيينة، عن الزهري، به، وأخرجه ابن أبي شيبة (٦/ ٤١)، عن ابن عيينة، به. وإسناده صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>