قلتُ: وممن قال بالبطلان عروة بن الزبير، وإسحاق، وهو قول أحمد في رواية، واختار هذا بعض أصحابه منهم: ابن بطة، وأبو حفص، وشيخ الإسلام -رحمه الله-، ورجَّح ذلك الصنعاني، والشوكاني؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- سمَّاها جورًا، وقال:«لا أشهد إلا على حق»، و «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد»، وهذا اختيار الإمام ابن عثيمين -رحمه الله-، وعلى هذا القول فإنه يجب عليه الرجوع فيها؛ فإن لم يفعل حتى مات؛ فللورثة أن يرتجعوا ما وهبه.
والرواية الأخرى التي عند أحمد أنها تصح، وعليه الرجوع، فإذا مات فليس للورثة الرجوع، وهو قول الجمهور؛ لأنهم لا يرون تحريم التفضيل، واستدل لهذا القول بقوله:«فارجعه»، فقالوا: هذا يدل على صحة الهبة، فيحتاج إلى رجوع فيها.
قال الحافظ -رحمه الله- في «الفتح»: وفي الاحتجاج بذلك نظر، والذي يظهر أن معنى قوله «ارجعه»، أي: لا تمض الهبة المذكورة، ولا يلزم من ذلك تقدم صحة الهبة.
قال أبو عبد الله غفر الله له: القول بالبطلان أظهر، والله أعلى وأعلم. (١)
تنبيه: القائلون بجواز التفضيل يكرهون ذلك، ويستحبون التسوية، قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني»(٨/ ٢٥٩): ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب التسوية حتى قال إبراهيم: كانوا يستحبون أن يسووا بينهم حتى في القُبَل. اهـ