الالتقاط تخليص مال من الهلاك؛ فجاز من العبد بغير إذن سيده، كإنقاذ المال الغريق، والمغصوب، وهذا قول الشافعي.
• وللشافعي قول آخر: أنه لا يصح التقاطه، وهو اختيار المزني؛ لأنَّ الالتقاط يقتضي أمانة وولاية في مدة التعريف، وتملكًا بعوض في ذمته، والعبد ليس من أهل الأمانة والولاية، ولا ذمة له يستوفي الحق منها؛ فلم يصح.
قلتُ: والصحيح القول الأول؛ إلا أنَّ اللقطة موقوفة بإذن سيده؛ لأنَّ اللقطة تحتاج إلى تعريف، وبعض الانشغال بذلك، وليس للعبد أن ينشغل بذلك إلا بإذن سيده؛ فإن التقط بغير إذن سيده فإما أن يجيزه السيد؛ فلا إشكال، وإما أن لا يجيزه على ذلك؛ فينبغي للعبد إعادتها، والله أعلم.
فعلى هذا إذا علم السيد بلقطة العبد؛ كان له انتزاعها منه؛ لأنها من كسب العبد، وللسيد انتزاع كسبه من يده، فإذا انتزعها بعد أن عرفها العبد؛ ملكها، و إن كان لم يعرفها؛ عرفها سيده حولًا كاملًا، وإن كان العبد قد عرفها بعض الحول؛ عرَّفها السيد تمامه؛ فإن اختار السيد إقرارها في يد عبده؛ نظرت: فإن كان العبد أمينًا؛ جاز، وكان السيد مستعينًا بعبده في حفظها كما يستعين به في حفظ ماله، وإن كان العبد غير أمين؛ كان السيد مفرطًا بإقرارها في يده، ولزمه ضمانها. وإن أعتق السيد عبده بعد الالتقاط؛ فله انتزاع اللقطة من يده؛ لأنها من كسبه، وأكسابه لسيده. (١)