قال أبو داود عقب الحديث: رواه الزبيدي عن راشد بن سعد عن ابن عائذ عن المقدام. ورواه معاوية بن صالح عن راشد بن سعد قال سمعت المقدام. اهـ قلت: أما رواية معاوية بن صالح فأخرجها أحمد (٤/ ١٣٣)، والنسائي في «الكبرى» (٤/ ٧٣)، والطحاوي في «شرح المعاني» (٤/ ٣٩٨) من طرق عن معاوية بن صالح عن راشد بن سعد قال سمعت المقدام به. وهذا إسناد حسن، وراشد بن سعد قد صرح بالسماع عند الطحاوي، وأما عند أحمد والنسائي فبالعنعنة. وأما رواية الزبيدي فوصلها ابن حبان (٦٠٣٦)، من طريق إسحاق ابن إبراهيم بن العلاء الزبيدي عن عمرو بن الحارث الزبيدي قال حدثنا راشد بن سعد أن ابن عائذ حدثه أن المقدام حدثهم به. والإسناد ضعيف أو أشد بسبب إسحاق بن إبراهيم، فإنه ضعيف أو أشد، وشيخه مجهول، ولم أجدها عند غير ابن حبان.
وفيه خلاف رابع: فقد أخرجه النسائي في «الكبرى» (٦٣٥٧)، من طريق ثور بن يزيد عن راشد ابن سعد عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مرسلًا. وثور بن يزيد ثقة. قال أبوعبدالله غفر الله له: الحديث اختلف فيه على أربعة أوجه، ويظهر أن هذه الأوجه لا توجب فيه الاضطراب؛ لإمكان الجمع بين الروايات؛ فإن رواية ابن أبي طلحة ومعاوية بن صالح ليس فيهما خلاف إلا في ذكر (أبي عامر الهوزني) وقد صرح معاوية بن صالح في إسناده بالسماع عند الطحاوي. فإن كان التصريح بالسماع محفوظًا فيكون راشد بن سعد سمعه من أبي عامر الهوزني ثم سمعه من المقدام ويكون من المزيد في متصل الأسانيد، وقد أشار إلى ذلك الطحاوي. وإن لم يكن التصريح بالسماع محفوظًا، فتكون رواية علي بن أبي طلحة أرجح لزيادته في الإسناد رجلًا، وقد رجح ذلك الدارقطني في علله كما في «العلل» (٣٤٢٢)، وتبعه على ذلك ابن القطان. ورواية الزبيدي التي ذكرها أبوداود إن صحت عن الزبيدي، فلا تخالف ما تقدم، ويكون لراشد ابن سعد فيه شيخان، وقد جزم بذلك ابن حبان. وأما رواية الإرسال، وهي أقوى رواية فيما يظهر، فيمكن حملها على أنه أعني راشدًا كان يرويه موصولًا، وأحيانًا يرسله. فإن صح ما ذكرناه، وإلا فلا يقل عن أن يكون حسنًا بشاهده الذي بعده من حديث عمر -رضي الله عنه-.