تنبيه: إذا لم يخلف الميت تركة؛ فمؤنة تجهيزه على من تلزمه نفقته في حال حياته؛ فإن لم يكن له أحد تلزمه نفقته؛ فعلى بيت المال إن كان الميت مسلمًا؛ فإن لم يكن بيت مال؛ فعلى من علم بحاله من المسلمين وجوبًا كفائيًّا.
تنبيه آخر: أجمع أهل العلم على أنَّ الدين مقدم على الوصية، وجاء في ذلك حديث عند الترمذي (٢٠٩٤) وغيره من حديث علي -رضي الله عنه-: أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قضى بالدين قبل الوصية. وفي إسناده: الحارث الأعور، وقد كُذِّب، لكن قال الترمذي: العمل عليه عند أهل العلم.
وقد تكلم أهل العلم على سبب تقديم الله للوصية على الدين في الذِّكر بقوله:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}[النساء:١١].
وذكروا أقوالا من أحسنها:
١) أنَّ الوصية تقع على سبيل البر والصلة بخلاف الدَّين؛ فإنه إنما يقع غالبًا بعد الميت بنوع تفريط، فوقعت البداءة بالوصية؛ لكونها أفضل.
٢) وأحسن من الذي قبله ما قيل: إنَّ الوصية غالبًا ما تكون حق فقير ومسكين، والدَّين غالبًا ما يكون لغني غريم يطلبه بقوة، والنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يقول:«إنَّ لصاحب الحق مقالًا»، فبدأ بالوصية للاهتمام بها، ولئلا يفرط فيها. (١)
(١) انظر كتاب «التحقيقات المرضية» (ص ٢٧ - ٣٠) للفوزان.