للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونقل ابن قدامة عن أحمد أنه قال: إذَا تَرَكَ دُونَ الْأَلْفِ لَا تُسْتَحَبُّ الْوَصِيَّةُ. وَعَنْ طَاوُس: الْخَيْرُ ثَمَانُونَ دِينَارًا. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: الْقَلِيلُ أَنْ يُصِيبَ أَقَلُّ الْوَرَثَةِ سَهْمًا خَمْسُونَ دِرْهَمًا.

قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَاَلَّذِي يَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْمَتْرُوكُ لَا يَفْضُلُ عَنْ غِنَى الْوَرَثَةِ، فَلَا تُسْتَحَبُّ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَّلَ الْمَنْعَ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ: «أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً»، وَلِأَنَّ إعْطَاءَ الْقَرِيبِ الْمُحْتَاجِ خَيْرٌ مِنْ إعْطَاءِ الْأَجْنَبِيِّ، فَمَتَى لَمْ يَبْلُغْ الْمِيرَاثُ غِنَاهُمْ، كَانَ تَرْكُهُ لَهُمْ كَعَطِيَّتِهِمْ إيَّاهُ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِهِ لِغَيْرِهِمْ فَعِنْدَ هَذَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِاخْتِلَافِ الْوَرَثَةِ فِي كَثْرَتِهِمْ وَقِلَّتِهِمْ، وَغِنَاهُمْ وَحَاجَتِهِمْ، فَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَدْرٍ مِنْ المَالِ، وَاَللهُ أَعْلَمُ. اهـ

والأشهر في مذهب الحنابلة أنَّ ذلك يرجع إلى العرف كما في «الإنصاف» (٧/ ١٧٨). (١)

فائدة: قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٣٩٣): وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَسْتَوْعِبَ الثُّلُثَ بِالْوَصِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ»، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنْ الثُّلُثِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الثُّلُثُ كَثِيرٌ»، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (٢)

فائدة أخرى: قال ابن قدامة -رحمه الله- في «المغني» (٨/ ٣٩٤): وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْعَلَ وَصِيَّتَهُ لِأَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ، إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ، فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ.


(١) وانظر: «تفسر القرطبي» (٢/ ٢٥٩) «زاد المسير» (١/ ١٨٢) «المغني» (٨/ ٣٩٢).
(٢) أخرجه البخاري برقم (٢٧٤٣)، ومسلم برقم (١٦٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>