٩٦١ - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - حَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: «لَكِنِّي أَنَا أُصَلِّي، وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (١)
قوله: «فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي».
قال الحافظ -رحمه الله-: المُرَاد بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَة لَا الَّتِي تُقَابِل الْفَرْض، وَالرَّغْبَة عَنْ الشَّيْء الْإِعْرَاض عَنْهُ إِلَى غَيْره، وَالْمُرَاد: (مَنْ تَرَكَ طَرِيقَتِي وَأَخَذَ بِطَرِيقَةِ غَيْرِي؛ فَلَيْسَ مِنِّي)، وَلمَّحَ بِذَلِكَ إِلَى طَرِيق الرَّهْبَانِيَّة؛ فَإِنَّهُمْ الَّذِينَ اِبْتَدَعُوا التَّشْدِيد كَمَا وَصَفَهُمْ اللهُ تَعَالَى، وَقَدْ عَابَهُمْ بِأَنَّهُمْ مَا وَفُّوهُ بِمَا اِلْتَزَمُوهُ، وَطَرِيقَة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - الْحَنِيفِيَّة السَّمْحَة، فَيُفْطِر لِيَتَقَوَّى عَلَى الصَّوْم، وَيَنَام لِيَتَقَوَّى عَلَى الْقِيَام، وَيَتَزَوَّج لِكَسْرِ الشَّهْوَة، وَإِعْفَاف النَّفْس، وَتَكْثِير النَّسْل.
وَقَوْله «فَلَيْسَ مِنِّي»: إِنْ كَانَتْ الرَّغْبَة بِضَرْبٍ مِنْ التَّأْوِيل يُعْذَر صَاحِبه فِيهِ، فَمَعْنَى «فَلَيْسَ مِنِّي»، أَيْ: (عَلَى طَرِيقَتِي) وَلَا يَلْزَم أَنْ يَخْرُج عَنْ المِلَّة، وَإِنْ كَانَ إِعْرَاضًا وَتَنَطُّعًا يُفْضِي إِلَى اِعْتِقَاد أَرْجَحِيَّة عَمَله؛ فَمَعْنَى «فَلَيْسَ مِنِّي» لَيْسَ عَلَى مِلَّتِي؛ لِأَنَّ اِعْتِقَاد ذَلِكَ نَوْع مِنْ الْكُفْر. اهـ
(١) أخرجه البخاري (٥٠٦٣)، ومسلم (١٤٠١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute