وقول في مذهب أحمد. وقيل: لا يجوز. وهو ظاهر مذهب أحمد؛ فإن كل شيء منها عورة حتى ظفرها، وهو قول مالك. وحقيقة الأمر أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة، وزينة غير ظاهرة، وجوَّز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج، وذوي المحارم، وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب، كان النساء يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها؛ لأنه يجوز لها إظهاره، ثم لما أنزل الله عزوجل آية الحجاب بقوله:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}[الأحزاب:٥٩] حجب النساء عن الرجال، وكان ذلك لما تزوج زينب بنت جحش، فأرخى الستر، ومنع النساء أن ينظرن، ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد ذلك عام خيبر، قالوا: إنْ حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه. فحجبها.
متفق عليه، فلما أمر الله أن لا يسألن إلا من وراء حجاب، وأمر أزواجه، وبناته، ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن، والجلباب هو الملاءة، وهو الذى يسميه ابن مسعود وغيره الرداء، وتسميه العامة الإزار، وهو الإزار الكبير الذى يغطي رأسها وسائر بدنها وقد حكى أبوعبيد وغيره أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها، ومن جنسه النقاب، فكن النساء ينتقبن، وفى «الصحيح» أنَّ المحرمة لا تنتقب، ولا تلبس القفازين، فإذا كُنَّ مأمورات بالجلباب؛ لئلا يُعْرَفن، وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب؛ كان الوجه واليدان من الزينة التى أمرت ألا تظهرها للأجانب، فما بقي يحل للأجانب النظر؛