للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في «صحيح مسلم»: «والبكر يستأمرها أبوها ... » الحديث، وبحديث ابن عباس وبريدة وغيرهما، وهو حسن بمجموع طرقه: أنَّ فتاة زوجها أبوها، وهي كارهة، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، فخيَّرها رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-. (١)

وقد تكلم شيخ الإسلام، وابن القيم على هذه المسألة كلامًا جيدًا، فأجادا، ومما ذكراه أنَّ المخالف يقول: (ليس للأب أن يأخذ دينارًا واحدًا من مال ابنته وهي كارهة بدون حاجة)، فكيف يحرم ذلك، ويجوز له أن يجعلها مع بضعها تحت إنسان تبغضه، ولا تريده طوال حياتها؟!

وأيضًا الحديث الذي استدل به المخالف إنما أفاده بالمفهوم، والمنطوق مُقَدَّمٌ عليه، بل قد ذكر رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في نفس الحديث أنَّ البكر تُستأذن، وأمر بذلك، فكيف يُقال: إنَّ أوَّل الحديث يدل على جواز التزويج بغير استئذان، وقد دلَّ آخر الحديث على وجوب الاستئذان، فدلَّ على أنَّ التخصيص بأنَّ الثيب أحق بنفسها أراد به أمرًا آخر غير الاستئذان، وهو أنَّ البكر لكونها تستحيي لا تُطالب بالزواج، بل تخطب عند أبيها، فكان هو أحق بها من هذا الوجه، وأمَّا الثيب فلا تستحيي كاستحياء البكر، فقد تخطب إلى نفسها، وتوافق؛ فيجب على الأب أن يزوجها إذا كان خاطبها كفؤًا، وإن لم يكن راضيًا بذلك، والله أعلم.

والقول الثاني هو الصواب، وبالله التوفيق. (٢)


(١) سيأتي تخريجه في «البلوغ» رقم (٩٨٢).
(٢) انظر: «المغني» (٩/ ٣٩٩ - ) «زاد المعاد» (٥/ ٩٥ - ) «مجموع الفتاوى» (٣٢/ ٢٢ - ) «الفتح» (٥١٣٦) «البيان» (٩/ ١٧٩ - ).

<<  <  ج: ص:  >  >>