تعارض عمومان كما هو ظاهر، والمحققون من أهل العلم على الترجيح بين العمومين في مثل هذه الحالة، وإبقاء العموم الراجح على عمومه، وتخصيص العموم المرجوح.
وقد تكلم الشنقيطي -رحمه الله- على ذلك بكلام جيد في «دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب»، ورجَّح عموم قوله تعالى:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} لأمور، منها: أنها سيقت في محل بيان المحرمات، والآية الأخرى سيقت في معرض وصف المتقين المفلحين. ومنها: أنَّ الأصل في الفروج التحريم، فلا يحل فرج إلا بدليل صحيح لا معارض له. ومنها: أنَّ عموم {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} قد خُصَّ بالإجماع إذا ملك أختين من الرضاع، أو أمًا وابنتها من الرضاع، أو المرأة وخالتها من الرضاع ... ؛ فضعف عمومه، بخلاف عموم {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}؛ فإنه لم يخص، وعلى هذا فالقول بالمنع هو الأقرب، والله أعلم. (١)
تنبيه: ذهب الحكم، وحماد، والنخعي إلى أنه إن كان يملك أختين؛ فلا يقرب واحدة منهما، وهو قول ابن حزم، وأكثر أهل العلم على أنَّ له أن يطأ واحدة منهما دون الأخرى؛ لأنه في هذه الحالة لم يجمع بينهما بالفراش. وهذا هو
(١) انظر: «المغني» (٩/ ٥٣٧ - ) «الدر المنثور» (٤/ ٣١٠ - ) «البيهقي» (٧/ ١٦٤ - ) «تفسير ابن المنذر» (١٥٥٦ - ١٥٥٩) «ابن أبي شيبة» (٤/ ١٦٩ - ) «مصنف عبدالرزاق» (١٢٧٢٨ - ) «تفسير ابن جرير» و «تفسير ابن أبي حاتم» [آية:٢٣] من سورة النساء.