للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال -رحمه الله-: فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَشْرُوطَ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ لَفْظًا، وَأَنَّ عَدَمَهُ يُمَلِّكُ الْفَسْخَ لِمُشْتَرِطِهِ، فَلَوْ فُرِضَ مِنْ عَادَةِ قَوْمٍ أَنَّهُمْ لَا يُخْرِجُونَ نِسَاءَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَلَا يُمَكِّنُونَ أَزْوَاجَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْبَتَّةَ وَاسْتَمَرَّتْ عَادَتُهُمْ بِذَلِكَ كَانَ كَالْمَشْرُوطِ لَفْظًا، وَهُوَ مُطَّرِدٌ عَلَى قَوَاعِدِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَقَوَاعِدِ أحمد -رحمه الله- أَنَّ الشَّرْطَ الْعُرْفِيَّ كَاللَّفْظِيِّ سَوَاءٌ، وَلِهَذَا أَوْجَبُوا الْأُجْرَةَ عَلَى مَنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إِلَى غَسَّالٍ أَوْ قَصَّارٍ، أَوْ عَجِينَهُ إِلَى خَبَّازٍ، أَوْ طَعَامَهُ إِلَى طَبَّاخٍ يَعْمَلُونَ بِالْأُجْرَةِ، أَوْ دَخَلَ الْحَمَّامَ أَوِ اسْتَخْدَمَ مَنْ يَغْسِلُهُ مِمَّنْ عَادَتُهُ يَغْسِلُ بِالْأُجْرَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَشْرُطْ لَهُمْ أُجْرَةَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. وَعَلَى هَذَا، فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ بَيْتٍ لَا يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ عَلَى نِسَائِهِمْ ضَرَّةً وَلَا يُمَكِّنُونَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَعَادَتُهُمْ مُسْتَمِرَّةٌ بِذَلِكَ، كَانَ كَالْمَشْرُوطِ لَفْظًا.

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُمَكِّنُ إِدْخَالَ الضَّرَّةِ عَلَيْهَا عَادَةً لِشَرَفِهَا وَحَسَبِهَا وَجَلَالَتِهَا، كَانَ تَرْكُ التَّزَوُّجِ عَلَيْهَا كَالْمَشْرُوطِ لَفْظًا سَوَاءٌ.

وَعَلَى هَذَا فَسَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَابْنَةُ سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ أَجْمَعِينَ أَحَقُّ النِّسَاءِ بِهَذَا، فَلَوْ شَرَطَهُ عَلِيٌّ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ كَانَ تَأْكِيدًا لَا تَأْسِيسًا. اهـ

ووجه تضمن الحديث لذلك أنه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أخبر أنَّ ذلك يؤذي فاطمة، ويريبها، وأنه يؤذيه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ويريبه، ومعلومٌ قطعًا أنه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- إنما زوَّجَه فاطمة -رضي الله عنها- على أن لا يؤذيها، ولا يريبها، ولا يؤذي أباها ولا يريبه، وإن لم يكن هذا مشترطًا في صلب العقد؛ فإنه من المعلوم بالضرورة أنه إنما دخل عليه، وفي ذكره -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- صهره

<<  <  ج: ص:  >  >>