بَيْنَهُمَا سُلْطَانٌ.
قال: وَلَا يُعْرَفُ اعْتِبَار الْعِدّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ، وَلَا كَانَ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُ الْمَرْأَةَ هَلْ انْقَضَتْ عِدّتُهَا أَمْ لَا، وَلَا رَيْبَ أَنّ الْإِسْلَامَ لَوْ كَانَ بِمُجَرّدِهِ فُرْقَةً؛ لَمْ تَكُنْ فُرْقَةً رَجْعِيّةً، بَلْ بَائِنَةً، فَلَا أَثَرَ لِلْعِدّةِ فِي بَقَاءِ النّكَاحِ، وَإِنّمَا أَثَرُهَا فِي مَنْعِ نِكَاحِهَا لِلْغَيْرِ، فَلَوْ كَانَ الْإِسْلَامُ قَدْ نَجّزَ الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا؛ لَمْ يَكُنْ أَحَقّ بِهَا فِي الْعِدّةِ، وَلَكِنْ الّذِي دَلّ عَلَيْهِ حُكْمُهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنّ النّكَاحَ مَوْقُوفٌ؛ فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدّتِهَا؛ فَهِيَ زَوْجَتُهُ، وَإِنْ انْقَضَتْ عِدّتُهَا؛ فَلَهَا أَنْ تَنْكِحَ مَنْ شَاءَتْ، وَإِنْ أَحَبّتْ انْتَظَرَتْهُ؛ فَإِنْ أَسْلَمَ كَانَتْ زَوْجَتَهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى تَجْدِيدِ النّكَاحِ.
قال: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا جَدّدَ لِلْإِسْلَامِ نِكَاحَهُ الْبَتّةَ، بَلْ كَانَ الْوَاقِعُ أَحَدَ أَمْرَيْنِ: إمّا افْتِرَاقُهُمَا وَنِكَاحُهَا غَيْرَهُ، وَإِمّا بَقَاؤُهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ تَأَخّرَ إسْلَامُهَا أَوْ إسْلَامُهُ، وَأَمَّا تَنْجِيزُ الْفُرْقَةِ، أَوْ مُرَاعَاةُ الْعِدّةِ، فَلَا نَعْلَمُ أَنّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا؛ مَعَ كَثْرَةِ مَنْ أَسْلَمَ فِي عَهْدِهِ مِنْ الرّجَالِ وَأَزْوَاجِهِنّ، وَقُرْبِ إسْلَامِ أَحَدِ الزّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ وَبُعْدِهِ مِنْهُ، وَلَوْلَا إقْرَارُهُ - صلى الله عليه وسلم - الزّوْجَيْنِ عَلَى نِكَاحِهِمَا وَإِنْ تَأَخّرَ إسْلَامُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ وَزَمَنِ الْفَتْحِ؛ لَقُلْنَا بِتَعْجِيلِ الْفُرْقَةِ بِالْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ عِدّةٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، وَقَوْلِهِ: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}.
قال: وَلَكِنْ الّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} وَقَوْلُهُ: {لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute