واستدلوا بقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «اتقوا الله في النساء، فإنما هن عوان عندكم»(١)، والعاني: الأسير، ومرتبة الأسير خدمة من هو تحت يده.
واستدلوا على ذلك أيضًا بحديث فاطمة أنها شكت إلى رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ما تلقى من الرَّحى، وسألته خادمًا، فعلمها رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الاستعانة على ذلك بالذِّكْرِ،، ولم يقل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لا خدمة عليها، وإنما هي عليك يا علي. ذكر أكثر الأدلة المتقدمة الحافظ ابن القيم -رحمه الله- في «زاد المعاد».
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»(٣٤/ ٩٠): وتنازع العلماء: هل عليها أن تخدمه في مثل فراش المنزل، ومناولة الطعام والشراب، والخبز، والطحن، والطعام لمماليكه، وبهائمه، مثل علف دابته، ونحو ذلك؟ فمنهم من قال: لا تجب الخدمة. وهذا القول ضعيفٌ كضعف قول من قال: لا تجب عليه العشرة والوطء. فان هذا ليس معاشرة له بالمعروف، بل الصاحب في السفر الذى هو نظير الإنسان وصاحبه في المسكن إن لم يعاونه على مصلحته؛ لم يكن قد عاشره بالمعروف. وقيل وهو الصواب: وجوب الخدمة؛ فإن الزوج سيدها في كتاب الله، وهي عانية عنده بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى العاني والعبد الخدمة، ولأن ذلك هو المعروف، ثم مِنْ هؤلاء من قال: تجب الخدمة اليسيرة. ومنهم من قال: تجب الخدمة بالمعروف. وهذا هو الصواب؛ فعليها أن تخدمه الخدمة المعروفة من مثلها لمثله، ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال، فخدمة البدوية
(١) أخرجه الترمذي (٣٠٨٧)، من حديث عمرو بن الأحوص -رضي الله عنه-، وهو حديث حسن.